الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ١٢ شوال ١٤٤٦ هـ

الغلاء وتراجع الإحساس بفرحة الصيف – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

الغلاء وتراجع الإحساس بفرحة الصيف – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

.

ارتفعت الأسعار في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاشتكوا إليه الناس فقال: ارخصوها قالو كيف يا أمير المؤمنين قال لا تشتروا وقد فعلوا فبارت البضاعة لدى التجار فأرخصوها وتحققت رؤيا الخليفة الراشد، وهذا هو الحل للحد من ارتفاع الأسعار، وأكثر ما يزعج أصحاب الدخول الضعيفة وخصوصا في فترة الصيف الذي تكثر فيه المناسبات والضيوف ويتباهى البعض من بني جلدتنا بكثرة المفاطيح والإسراف والتبذير، وهذا يدل على ضعف الشخصية والشعور بالكبر والفوقية..

يقول أحد الحكماء عن المتكبرين:

وجوههم من سواد الكبر عابسة .. كأنــما أدخلـــــــــوا غصبا الى النار

ليسوا كقوم إذا لا قيتهم عـرضا .. مثل النجوم التي يسري بها الساري

وقرأت لبعض الإخوان على بعض وسائل التواصل الاجتماعي يقدمون بعض النصائح منها: أنه يتوجب على الضيف أن يرفض الذبائح ويكتفى ببعض الأكلات الشعبية وأن يكون العدد محدود، ويقول آخرون بل يجب عدم قبول الضيفة ويكتفى بزيارة خفيفة تدوم بها المحبة وتخلو من التكاليف التي تقصم الظهر وتقضّ المضجع..

وهناك مثل شعبي يقول: ( الصديق المخسّر العدو المبين )، يقول أحدهم:

عشنا وشفنا يا زمان الهوايل .. شفنا المهايط والمشاهد حزينـــــــة

كفر النعم من الخبول المهابيل .. ما هو من أصحاب العقول الذهينة

ارتفعت أسعار الذبائح بشكل جنوني فأصبح الخروف العادي يكلف ألفين ريال وهذا رقم مخيف، لكن قد يستطيع البعض والبعض الآخر لا يستطيع، ومع هذا فإنه يجهد نفسه ويتكلف فوق دخله وطاقته..

وكما يقال:

إن الكريم ليخفي عنك عسرته .. حتى تراه غنيا وهو مجهود

إن المجتمع السعودي بكل أسف يفتقر الى ثقافة الكرم المعتدل المتوازن قال الله سبحانه وتعالى: ( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا )، وهناك بعض تكاليف الأعراس تتجاوز حدود الكرم الى حدود الإسراف والتبذير والتباهي والفوقية، وكما قال المتنبي:

ملأى السنابل تنحني برؤوسها .. والفارغات رؤوسهنّ شوامخ

فهناك البعض يقدم على طاولة الطعام بتفاخر 30 مفطح أو أكثر والبعض لا يكتفي بهذا بل يضيف اثنين أو ثلاثة حواشي، ثم ينتهي بها الأمر الى مكب النفايات والله المستعان وهذا يدل على جهل مفرط وكفر بالنعمة. إكرام الضيف من تعاليم الدين الإسلامي ومن ثوابته، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )..

وقال الشاعر:

أضاحك ضيفي قبل إنزال رحلــــــه ..  ويخصب عندي والمحل جديب

وما الخصب للأضياف كثرة القرى .. ولكنما وجـــــــه الكريم خصيب

وقال أحد المهايطين:

ديّنوني يا مربيت المواشي .. إن حصل وإلا القضاء يوم القيامة

ومن مظاهر إكرام الضيف الترحيب به، وعدم الإسراف في ضيافته ومصاحبة الضيف لباب البيت عند خروجه، والدعاء للضيف، وهذه المظاهر ليست غريبه فأغلب القبائل تحتفي بالضيف، لكن البعض يوغلون في الترحيب والحث على الأكل وهذا ما يسمى إيذاء الضيف، وكذلك التكاليف التي تتجاوز المنطق والمعقول والمطلوب، ثم إن الله سبحانه وتعالى قال: (فاتقوا الله ما استطعتم)..

فليس من المعقول أن تقترض مبلغا كبيرا من المال لتذبح بدل الخروف 3أو4 ليقال أنك كريم وإنما على قدر استطاعتك بالمعقول من غير إسراف ولا تبذير، واذكّر الأخوة في كل مناطق المملكة إن الله حرّم الإسراف والتبذير، قال الله تعالى : (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)..

وقال تعالى : (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ). إننا مقبلون على صيف مليء بالخيرات والنعم فلنحمد الله على ذلك، ونتواضع في الضيافة، وإكرام الضيف فإن النعم لا تدوم إلا بالحمد والشكر لله وعدم الإسراف والتبذير، وهناك بكل أسف من يبحث عن الشهرة ليقال إن فلانا كريم، وكلمة (ليقال) تفسد الكرم وتغضب الله ورسوله.

الإسراف بوابة الفساد وصاحب الإسراف بعيد عن الهداية والالطاف قال تعالى ( إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ). قال أحد الحكماء الخيّرون:

دبر العيش بالقليل ليبقى .. فبقاء القليل بالتدبيـر
لا تبذر وإن ملكت كثيرا .. فزوال الكثير بالتبذير

وفي الختام مع الشاعر مطلق الحويقل: 

خافوا الله يا مكبّرة الولائم .. نعمة الله قدّروها واشكروها

قبل الختام: اللهم أحفظ بلد الحرمين الشريفين قيادة وحكومة وشعبا من كل سوء ومكروه ومن الغلاء والوباء والزلازل والمحن، الله آمين.

.

التعليقات

تعليق واحد على "الغلاء وتراجع الإحساس بفرحة الصيف – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري"

  1. لا فض فوك وسلمت براجمك. يقول المثل: الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *