صحيفة النماص اليوم :
في لقاء مختصر مع سعادة الدكتور غيثان جريس طرحت “النماص اليوم” عدد من الأسئلة لتبيان بعض الإشكاليات التي تهم التوجه التاريخي بمنطقة عسير، وقد أجاب سعادته بالرغم من مشاغله والتزاماته البحثية والاجتماعية في هذا الشهر الفضيل ..
1/ أين وصل الاهتمام بالتاريخ بمنطقة عسير من وجهة نظرك، وهل أنت راض عما وصل إليه ذلك الاهتمام ؟
– يجب أن نعلم أن منطقة عسير جزء من السروات وتهامة وهذه البلاد لم تُخدم إطلاقاً في ميدان البحث العلمي خلال القرون الإسلامية المبكرة والوسيطة والبدايات الحديثة حتى القرن ( 12هـ / 18 م ) ثم بدأت تظهر مصادر عن البلاد خلال القرنين والنصف الأخيرة وأكثر المكتوب عن هذه الأوطان في العصر الحديث، وخرج الكثير من الكتب والبحوث العلمية المُحمكة والثقافية ورسائل علمية جامعية كثيرة ومتنوعة في عناوينها وموضوعاتها ونأمل ونتطلع أن نرى شيئاً عن تاريخ منطقة عسير وما جاورها من مناطق جنوب المملكة خلال القرون القديمة والإسلامية المبكرة والوسطية ولا نجد معلومات عن تلك الأزمان في مصادرنا التراثية التقليدية، ولو درست الآثار السطحية والمدفونة فستجد بعض الشيء من تاريخ وحضارة هذه الديار، والمصادر الكلاسيكية الأجنبية لا تخلوا من شذرات عن تاريخ بعض الأجزاء في السروات وتهامه مثل موانىء البحر الأحمر الشرقية ونجران والطايف، ولو جُمعت هذه المواد الأجنبية ثُم تُرجمت وشُرِحت فقد نجد فيها معارف مُفيدة لتاريخ الأرض والناس.. أما العصر الحديث فما زال هناك جوانب كثيرة تستحق الدراسة والإهتمام والقطاعات الحضارية ( الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، الفكرية، اللغوية، الأدبية،.. وغيرها ) مجالات رحبة جديرة بالعناية البحثية الجادة وعندما أقول جادة فإننا نتطلع إلى أعمال علمية رصينة في دراستها وتحليلها وتوثيقها.
2/ من خلال التوثيق التاريخي للمواقع والقرى التراثية.. هل ترى بأنها تؤدي كل أو جزء من”تراث منطقة عسير”؟
– أشرت في إجابة السؤال السابق إلى أهمية الموروث المادي والمعنوي وإلى الآثار السطحية والمدفونة ومن تجوالي ورحلاتي في جنوب البلاد السعودية خلال الأربعين سنة الماضية وجدت أن هذه الأوطان مخزن كبير من التاريخ الحضاري المتنوع والآثار المادية السطحية ( عمرانية أو صناعية أو زراعية أو تجارية أو معرفية أو عسكرية أو حربية أو نقوش ورسومات صخرية ) جميعها مصادر أولية، وفيها ومنها نستطيع أن ندون ونحفظ شيئاً من تاريخنا عبر أطوار التاريخ، وإن كان هناك بعض الدراسات العربية والأجنبية التي ذكرت صوراً من هذا التاريخ لكنها ما زالت دون المأمول، ونتطلع إلى مؤسسات بحثية كبيرة وجادة ومدعومة مادياً ومعنوياً لدراسة هذا التراث الأصيل والواجب أن يتم البحث عن الأساتذة المتخصصين الجيدين البارعين المنصفين الذين يدرسون هذا الموروث بحيادية وشفافية وإنصاف بعيداً عن الأهواء والتأثيرات المادية والمعنوية، وبالنسبة للتوثيق التاريخي للمواقع والقُرى التراثية.. فالذي قرأته وسمعته ما زالت معظم الأعمال التي عرفتها شكلية وهُلامية ولا يتسع المجال لذكر أمثلة على ما أشرت إليه بل أن بعض الأعمال التي صُورت في هذا الباب لا تخلوا من السطحية وعدم الدقة، والذي نتطلع إليه أن تُدرس هذه المصادر دراسة رصينة عميقة، والقرى في حد ذاتها مشروع بحثي كبير جداً يخرج عنه مئات بل آلاف الدراسات.. بل أن بعض القرى التي شاهدتها ووقفت عليها في مناطق الباحة وعسير ونجران جديرة أن يصدر عنها أعمال موسوعية في عدة مجلدات وحتى لا نكون سلبيين ومثبطين فأوضاعنا العلمية والبحثية في الوقت الحاضر أفضل من السابق.. أقول هذا الكلام من باب الرحلة والتجربة لأنني مُعاصر للبحث والدراسات العلمية من ثمانينيات القرن الهجري الماضي.
3/ هل تؤيد إقامة مجلس تاريخي يعقد بصفة سنوية أو دورية يشارك بفاعلية بالنهوض بالجانب التاريخي لمنطقة عسير؟ ويكون ضمن خطة تطوير المنطقة ؟
– الروى والمقترحات والتنظير سهل وهذا الذي عشته وعاصرته حيث شاركت في مؤتمرات وندوات ولقاءات محلية واقليمية وعالمية خلال الأربع والأربعين سنة الماضية وكنت أسمع وأشاهد في نهاية كل اجتماع أو مجلس علمي أو مؤتمر أو لقاء الكثير من التوصيات الجميلة في صياغتها والفاظها وقرأتها ثم تدفن وتضيع وهذا الذي لا نريده، ونأمل ونتطلع إلى مؤسسات بحثية فاعلة وجادة تكون أفعالها أكثر من أقوالها ويكون لها أهداف وخطط عملية يجري تحقيقها في الميدان وعلى الواقع وليس على الاوراق أو من على المنابر وإذا تم شيء مما ذُكر فسوف يكون صورياً شكلياً أكثر من ترجمته إلى عمل جاد ومثمر، وكما ذكرت سابقاً فأوضاعنا العلمية والبحثية والندوات والمجالس واللقاءات في وقتنا الحاضر جيدة ولا تُقارن مع العقود الاخيرة من القرن الهجري الماضي او حتى العقدين الأولين من هذا القرن ( 15هـ / 20 م ) لكن تلك الفترة كانت مراحل بدايات وتأسيس، واليوم نأمل أن نرى جهوداً نوعية في مخرجاتها وأهدافها وما تسعى الى تخصيصه.
.
التعليقات
2 تعليقات على "د. غيثان جريس .. ضيفا على “النماص اليوم” في لقاء قصير"
الدكتور الفاضل غيثان بن علي بن جريس اسأل الله ان يبارك في علمك وعملك وان يمدك بالصحه والعافيه
الا يستحق هذا المؤرخ التكريم والدعوة في كل المناسبات الثقافية
مؤرخ وأديب تميز بالمصداقية