الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ١٢ شوال ١٤٤٦ هـ

العلاقات السامة! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

العلاقات السامة! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

شاهدنا مقطعاً تناولته وسائل التواصل الاجتماعي يشكو المستضيف من صديقه الذي زاره فجأة، ثم قدَّم له ما تيسر من الطعام، الصديق الزائر اعترض على نوعية الطعام وكميته رافضاً تناوله، واصفاً المستضيف بالبخل وعدم تقدير الضيوف والزائرين، ثم خرج من بيته ليشيع بين الناس هذا المشهد.

هذا الموقف يتكرر كثيراً في حياتنا اليومية، لا سيما من جعل العلاقات الاجتماعية كالفرائض الواجبة، هاتفه النقال لا يكاد يصمت من كثرة المتصلين، والمراسلين، والمتابعين، يبحث عن الشهرة، يستدين لتكريم ضيوفه الوهميين، ربما ينسى أسماؤهم، لولا أن هاتفه النقال يعيد إلى ذكرياته تلك الأسماء عندما يتصفح الهاتف.

خلال معترك الحياة حتى اليوم لم نعرف الصديق المخلص، رغم قضاء زهرة الشباب في ترسيخ تلك العلاقات عبر اللقاءات والمنتديات والمناسبات والرحلات، حدث هذا عبر عقود طلاباً وموظفين ومتقاعدين، انتهت الأحلام ولم نظفر بشيء من تلك الصداقات والعلاقات، ذهبت الأيام والليالي وذهب معها كل شيء وعدنا كما كنَّا.

مؤسف أن أكثر العلاقات والصداقات تقوم على المصالح، مثل تلك العلاقات أمدها قصير غير قابلة للاستمرار والديمومة حتى في العلاقات الزوجية! فكيف بغيرها ؟. يُعزى هذا إلى الهدف من بناء تلك العلاقة، إذ يطمح من خلالها أحد الأطراف إلى استغلال الآخر مادياً ومعنوياً وفي أحسن الأحوال قضاء وقت الفراغ في اللهو واللعب دون فائدة تذكر.

كثرة العلاقات ظاهرة سلبية ضررها على الفرد أكثر من نفعها، وفي التراث الشعري يحذر ابن الرومي من كثرة الأصحاب في قصيدته المشهورة التي في مطلعها يقول:

عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ ……  فلا تستكثرنَّ من الصِّحـــابَ
فإنَّ الداءَ أكثرَ ما تــــــراهُ ……. يكونُ من الطعامِ أو الشرابِ

أما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فيصف الصديق الصالح بقوله:
إنَّ أخاك الحقَّ من كانَ مــعك …… ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك …… شتَّت فيه شمله ليجمعك

خلاصة القول: إذا أردت صلاح الحال والمآل وراحة البال فدع عنك كثرة الأصحاب، واختر لنفسك الصديق الذي ينفعك ولا يضرك، واحذر من مخالطة الأشرار خوفاً من العزلة، فالصاحب ساحب، وقياس المرء من خليله، وجلوس المرء لوحده أفضل من جليس السوء عنده، ومن عرف غرف.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *