[ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ][سُورَةُ البَقَرَةِ: 183] .. [… إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرࣱ ] [سُورَةُ الحُجُرَاتِ: 13]
قيل في التقوى: التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل. وجاء في الأثر: ما ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإِنْ كَانَ لا مَحالَةَ فَثلُثٌ لطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ.
أهلاً بشهر التقى والجود والكرم شهر الصيام رفيع القدر في الأمـــم
أقبلت في حلةٍ حف البهاء بها ومن ضيائك غابت بصمة الظلــــــــــم
أهلاً بصومعة العباد – مذ بزغت شمسٌ – ومجمع أهل الفضل والقيم
أيها الأكارم… سيحل بساحتنا ضيف كريم عزيز، القلوب متلهفة لـ لقياه، فإن كنت ستتوقف عن شيء ، فتوقف عن الكسل ، وتوقف عن اختلاق الأعذار ، وتوقف عن انتظار الوقت المناسب.
شهر رمضان الذي ننتظره على مدى أحد عشر شهرا سيحل علينا، فلنكرم استقباله، ولنحتفل بقدومه، ولنأنس بقربه. اعتدنا مع قدوم كل مناسبة تبادل التهاني والتبريكات، فلا أدري على أي شيء نتبادل التهاني، هل هي بالمناسبة، أم بلقاء الأحبه، أم بالتغيير الذي نرجوه، أم بالانتصار على النفس، أم أم أم … أن قدوم شهر الخير ليؤكد علينا أمر واحد، يجب علينا أن نضعه نصب أعيننا. وقد حدده الله عز وجل بكلمة واحدة ذات معاني متعددة. ألا وهي التقوى.
فالتقوى هي الهدف الأسمى والمطلب الأعلى لكل مسلم وهي العنوان الأبرز الذي يجب أن تتجه إليه القلوب، فالتهاني بين المسلمين عند قدوم الشهر الفضيل هي امتنان وشكر لله عز وجل أن أمد في الأعمار حتى أدركنا هذا الشهر الفضيل فلعلنا نهتبل منه أكبر قدر من البركات والرحمات والكنوز التي يتميز بها هذا الشهر الكريم عما سواه من بقية الشهور.
الصيام في معناه الخاص هو الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من الفجر إلى الليل، وهذا أمر لا يوجد فيه أي ابتداع أو اجتهاد أو فن. فالمسلمون المكلفون كافة يمتنعون عن هذه المفطرات، لا فرق بين كبيرهم ولا صغيرهم ولا فقيرهم ولا غنيهم، ولا بين ذي منصب ولا ما دون ذلك. الجميع سواء في هذا الأمر.
الاختلاف والإبداع والفن في هذا الشهر يظهر فيما عدا ذلك، فمساعدة محتاج هي لبنة في بناء التقوى، وإماطة الأذى عن الطريق لبنة أخرى، وتبسمك في وجه أخيك لبنه ثالثة، وهكذ، فكل عمل خير تقوم به في شهر رمضان هو ما يرفع درجة التقوى في رصيد حسناتك.
شهر رمضان هو شهر العمل والجد والاجتهاد، وليس شهرا للكسل والنوم والخمول، وما غزوة بدر الكبرى إلى دليل على الجد والعمل والسلّمة الأولى في سلم التغيير صعودا إلى بلوغ الهدف، وهدفنا العظيم في هذا الشهر الفضيل هو العمل على صقل القلوب وصهر العقول للوصول إلى نور التقوى وحلاوة العبادة.
شهر رمضان هو شهر تلمس الحاجات، فكم من متعفف تأبى عليه نفسه مد يده طلبا للعون والمساعدة، فلتكن يدك أيها الصائم أسرع إليه قبل أن يضطر الى تكبد عناء السؤال.
شهر رمضان، يدعوك أيها الصائم إلى السير هونا في الطرقات وتغليب مصلحة الجميع على حظوظ النفس.
شهر رمضان لا يحجزك عن المتعة والأنس مع الأهل والصحب والأحباب، فليكن لهم وقتا في جدولك الرمضاني.
الصيام اختبار لمدى استطاعتك في الامتناع عن سائر المفطرات، وأداء العبادات، مع مواصلة العمل وتحقيق النجاحات.
الصوم رسالة ربانية لك أيها المسلم ينبهك فيها إلى أن قدرتك على تغيير بعض عاداتك في شهر كامل يضعك أمام اختبار صعب وتساؤل مهم لما
ستكون عليه فيما يليه من الأشهر، وما إذا كنت ستواصل في بناء بيت التقوى الذي بدأت في بنائه في شهر رمضان.
شهر رمضان هو شهر مراجعة الملفات المؤجلة، والموضوعة على رف التسويف، والتي بعضها يستلزم العجلة في معالجته، لاسيما ما يتعلق بالخصومات خصوصا مع القرابات والأصدقاء، أو المديونيات، أو مراجعة الطبيب، أو مراجعة ما يحتاجه منزلك أو سيارتك، أو ما تهتم لأمره ….
وكما أسلفت من أن شهر رمضان هو شهر العبادة والعمل والجد والاجتهاد، فلتري نفسك ما أنت قادر عليه، ” وسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”
وكل عام وكل رمضان وأنتم بألف خير.
ربنا أتمم لنا شهر شعبان برضوانك، وبلغنا شهر رمضان ونحن بأتم صحة وأفضل حال.
وكل عام وكل رمضان وأنتم بألف خير.
التعليقات