الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ١٢ شوال ١٤٤٦ هـ

غياب الترشيد وكثرة الإسراف! بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

غياب الترشيد وكثرة الإسراف! بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

ديننا الإسلامي الحنيف يدعونا إلى الترشيد وعدم الإسراف في عدد من نصوص القرآن الكريم والسُّنة النبوية، يقول تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )، ويقول تعالى ( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا )؛ فالإسراف مذموم في كل مناحي الحياة، به تقل الموارد، وتنخفض الإنتاجية، ويزداد الفقر، وتكثر المشكلات في المجتمع.

في حياتنا اليومية مجالات عديدة يكثر فيها الإسراف وهدر الموارد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الهدر المالي باستنزاف الوقود بالتجول في الشوارع بالسيارات، أو بالجلوس في المقاهي والمنتديات، أو بشراء واستبدال المنتجات ووسائل الاتصال واقتناء الجديد من تلك الوسائل مسايرةً للأصدقاء دون النظر للفوارق الاجتماعية، أو بهدر الوقت بالجلوس أمام الشاشات والوسائط المتعددة والبرمجيات لفترات زمنية طويلة.

الهدر في المنزل حَدِّث ولا حَرَج، الإضاءة والأجهزة تعمل في الليل والنهار بلا فائدة تذكر حتى بعد الخروج من المنزل أو السفر لعدة أيام، والتسوق الالكتروني وكثرة المشتريات الكمالية غير الضرورية بما يزيد عن الحاجة لا تُستخدم عادةً أو تنعدم فائدتها، وكثرة الأطعمة والمشروبات على الموائد ينتهي بها المطاف إلى سلة النفايات وصناديق القمامة، ومن صور الهدر الأخرى بالمنزل الفوضى وعدم الترتيب، فقد تشتري المنتجات مَرَّات عديدة رغم وجودها بالمنزل، فعندما تحدث الفوضى المنزلية تعود للشراء مرةً أخرى.

ومن صور الهدر في المشتريات امتلاك أكثر من مركبة – سيارة – تتعرض للتلف إذا لم تستخدم، أما عند استخدامها فيلزم الفحص الدوري والتأمين والصيانة الدورية وتجديد رخصة السير، ناهيك عن السداد للمخالفات المرورية عند عدم استيفاء تلك الإجراءات.

ومن صور الهدر الاجتماعي الزواج بأكثر من واحدة – التعدد – وكثرة الانجاب للأبناء، هذا يؤدي لارتفاع تكاليف المعيشة، وكثرة المصروفات، وزيادة الأعباء الأسرية، لا سيما إذا اقترن ذلك مع قلة العوائد المالية ومحدودية المداخيل الوظيفية.

ومن طرق الهدر الاقتراض بهدف السفر والترفيه، أو شراء منتجات أو ماركات عالمية، أو دعوة الناس لوليمة باهضة التكاليف للظهور والبروز الإعلامي ولفت الأنظار دون القدرة على الوفاء بسداد القروض المادية لهذه الدعوة.

عندما يشتكي معظم أفراد المجتمع من ضيق المعيشة أو عدم القدرة على الوفاء بالتزامات الأسرة، فهذا يُعزى لغياب الترشيد في حياتنا وهو نقيض الإسراف، فلا يوجد نقص في الموارد، والأسواق تكتظ بالمنتجات، لكنَّها الفوضى في شراء مالا يلزم، لا سيما فئة الشباب وصغار السن والنساء، فهم يقتفون الأثر عبر متابعة كل جديد مستحدث، دون إجراء عملية فرز بين الضروريات والكماليات، يتعرَّضون في معظم الحالات للغش التجاري والحصول على منتج رديء أو منتج غالي الثمن دون وجود حسيب أو رقيب.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *