السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

النماص – بقلم الكاتب أ.د. هاني القحطاني

النماص – بقلم الكاتب أ.د. هاني القحطاني

 

– على بعد 140 كم إلى الشمال من أبها تقع النماص على الطريق الإقليمي الذي يربط مناطق الباحة وعسير ونجران وجيزان بمنطقة مكة المكرمة، والحديث عن النماص حديث ذو شجون، فمن الناحية الطبيعية تطل النماص على منحدرات تهامة إلى الغرب منها على شكل قوس يرسم الحد الفاصل بين السراة وتهامة، يقابل هذا القوس في تهامة جبل تهو البركاني ذي الخصائص الجيولوجية الفريدة، هذا ارتباط طبيعي أزلي بين سراة النماص وتهامتها.

– والحديث عن تهامة النماص وجوارها هو أيضا حديث ذو شجون، جبل تهو وبقية جبال تهامة القريبة منه تكوينات طبيعية ترسم حولها بيئات محلية فريدة تجعل منها مناطق جذب سياحي متميزة على مستوى المنطقة والمملكة، قرية وادي الغيل الرابضة كعش معلق بين الأرض والسماء، وادي خاط، غية، والمجاردة هذه مواقع يشي ذكرها برسم صور ذهنية فريدة عن أماكن متميزة.

– وبالعودة لسراة النماص تتناثر بيوت المحافظة في نمو عمراني ما زال ينتظر الباحثين لتوصيفه بدقة، من حيث التكوين العمراني النماص ليست مدينة مخططة كما هي حال معظم مدن المملكة، فليس هناك شوارع متقاطعة ومتعامدة، وليس هناك إلى الآن مخططات شبكية كما بقية المدن الأخرى، عوضا عن ذلك هناك مزارع في الأراضي المنخفضة وعندما تقف المزارع عن التمدد تخلي الأرض لبيوت خرسانية ذات تمدد عضوي.

وبسبب شيوع عرف ملكية الأرض في المناطق الريفية اتخذت البيوت وساحاتها وأحواشها أشكالا شتى تجعل من كل بيت وكل تجمع للبيوت تجمعا عمرانيا خاصا به، ويتكرر هذا النمط بامتداد الطريق الإقليمي، غير أن ما يضفي على هذا المشهد جماليته هو التكوينات الجيولوجية الصخرية والغطاء النباتي الذي تتمتع به المنطقة، هنا ترسم النماص لوحة لها هي أقرب ما تكون إلى تجمعات عمرانية في كنف الصخور وسفوح الجبال وقد حاصرتها المصاطب الزراعية.

– وكما هو حال معظم البلدات والقرى والمراكز الحضرية بامتداد الشريان الإقليمي بين عسير والطائف فإن التنمية البشرية والعمرانية موازية لهذا الشريان الاقليمي وهي لا تتجاوز الكيلومتر الواحد عى جانبي الطريق، فيما تبقى المناطق الواقعة شرق هذا الشريان الإقليمي خالية تماما من أي تنمية، وهنا يطرح سؤال التنمية نفسه بنفسه: لماذا لا يتم ربط هذه القرى والبلدات والمراكز الحضرية التي تعد بالمئات على حافة هذا الطريق الحيوي وجرفه بالمناطق الداخلية إلى الشرق منه، إن من شأن هذا الربط لو تحقق أن يعيد توجيه خارطة التنمية البشرية في المنطقة بالكامل نحو آفاق جديدة كلية.

– المجاردة في تهامة والنماص في السراة وبيشة في السهل الداخلي لمنطقة عسير هي الآن مناطق جذب تنموي وبالإمكان ربط هذه المناطق الثلاث ليس عبر طريق بري فقط، ولكن عبر رؤية تنموية متكاملة تجعل من هذه المحافظات الثلاث امتدادا للآخر ضمن المعطيات الطبيعية والجغرافية لكل منها على حدة، بيشة هي بوابة منطقة عسير على المنطقة الوسطى من المملكة والنماص بما حباها الله به من جمال طبيعي بإمكانها أن تكون مصيفا إقليميا ودوليا في حين تكون المجاردة وأخواتها في تهامة مشاتي دائمة.

– هذه التنمية المنشودة يجب أن تتعلم من التجربة الواسعة التي تراكمت في المناطق الأخرى على مدى العقود الماضية، يجب ألا تتحول هذه المدن والمراكز إلى مخططات شبكية وشوارع متعامدة ومخططات سكنية أسوة بالمدن الأخرى. التنمية المنشودة هنا يجب أن تسلك منحى آخر مختلف في منتجاته العمرانية وفي آليات تنفيذه عما تم اتباعه في السابق. بإمكان مثلث « بيشة – النماص -المجاردة » أن ينقل السياحة والتنمية أيضا في عسير والمملكة إلى آفاق جديدة كلية.

artilligraphy@gmail.com

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *