السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

افتحوا الطريق للعابرين! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

افتحوا الطريق للعابرين! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

مشاهد مأساوية تدعو للشفقة، تلك المقاطع والهاشتاقات التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي في منظر يندى له الجبين تحت عنوان ( فتح الطريق ) للمسافرين في صحراء الجوف اليمنية الذين تَقطَّعت بهم السبل، فالسيارات تَعطَّلت في رمال الصحراء، وقُطَّاع الطرق وجدوها فرصة سانحة للسطو على أموال المسافرين وممتلكاتهم، أو خيارات الموت جوعاً وعطشاً رجالاً ونساءً أفراداً وجماعات.

أرباب السياسة في اليمن في حالة حرب داخلياً وخارجياً، يخوضون حرباً خارجية بقطع الطرقات في البحار على السفن العابرة للقارات، وحرباً أخرى داخلية على المواطن اليمني الذي لا يستطيع الانتقال بين المحافظات اليمنية إلا بدفع الرسوم التي أثقلت كاهله للعبور للضفة الأخرى؛ وتناسى هؤلاء الساسة مقولة سيدنا عمر بن الخطاب الذي قال كلمة سطرها التاريخ ” لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله – أو قال: لَخِفت أن يسألني الله – عنها : لِمَ لَمْ تُصلح لها الطريق يا عمر “، كما برزت عصابات قطع الطريق التي جَنَّدت نفسها للقيام بمهام التفتيش والنهب للسيارات العابرة.

من يقرأ التاريخ لا يجد أن اليمن قد سادت فيه الفوضى كما يحدث الآن، رغم أن اليمن قد تَعرَّض في فترات تاريخية للاحتلال الإنجليزي والتركي، وتعاقبت على حكمه زعامات سياسية تركت بصمة وأثراً يذكره التاريخ حتى اليوم، فالقبيلة هي من تحكم الشعب في معظم العصور، والأمن في القرى والمدن والطرق مُستتب، حتى المواطن اليمني في تلك الحقبة كان في رغدٍ من العيش.

أمَّا اليوم، فالمواطن الذي تَغرَّب عن وطنه للبحث عن العمل الشريف خارج البلاد، أو يرغب التنقل بين المحافظات في الداخل، لم يعُد يأمن على نفسه، بعد أن تحوَّل كل اليمن إلى ميداناً للصراعات بين الفصائل السياسية، وعنصرية مقيته بين القبائل المتناحرة في شماله وجنوبه.

الوطن والحكومة والشعب هي مُقوِّمات الحكم الرشيد للسياسيين في كل بلاد الدنيا ما عدا اليمن، فالحكومات هناك تُمثِّل نفسها – لا الشعب – وهي زعامات لا تملك قرارها السياسي، وتتلقى الأوامر والتوجيهات من جهات أخرى، ناهيك عن نهب الثروات اليمنية للمصالح الخاصة لتلك الزعامات.

الوطن والشعب اليمني في وادٍ آخر، فالوطن مُقسَّم شمال وجنوب ووسط وهو إلى مزيد من التقسيم، والشعب الذي يفوق عدد سكانه الـ 35 مليون هو ضحية للخلافات بين السياسيين نتيجة الصراع على السلطة والنفوذ، فاليمن أحاطت به كل المشكلات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتشار الفقر والجوع والمرض، علاوةً على الجهل وفوضى انتشار السلاح، فاليمن من أكثر البلاد التي يمتلك فيها المواطن كل أنواع الأسلحة.

لن يهدأ اليمن ولن تستقر أوضاع شعبه في ظل اتساع رقعة الصراعات والحروب، هذه الصراعات التي نشأت منذ سقوط الشرعية حتى اليوم لا شأن لها بالداخل اليمني في إصلاحه، ولا يعنيها المواطن في شيء، قد أصبح مُؤكَّداً ومستقراً في العقل الجمعي لكل الشعب اليمني، فمن أراد أن يستميل القلوب ويفوز بالجولة ويكسب الرهان لحكم اليمن فليفتح الطريق للعابرين براً وبحراً، وليضع السلاح عن عاتقه، ذلك أدعى للوحدة والاستقرار لكل أطياف الشعب حتى يعود اليمن إلى سابق عهده.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *