كشف وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان عن تصنيف 4 مدن سعودية ضمن مؤشر المدن الذكية خلال العام الماضي، على أن يكون المستهدف 10 مدن سعودية ضمن أفضل 50 مدينة عالمية؛ عبر تحقيق عوامل الحوكمة والاستدامة والتفاعل مع السكّان لتلبية تطلّعاتهم ورغباتهم وتحقيق رفاهية عالية لهم.
هذا الخبر يكشف الجهود المتسارعة التي تبذلها كافة الجهات الحكومية نحو تحقيق الرؤية، فمن خلال المنتدى العالمي الذي تنظمه هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” بالرياض خلال الفترة بين 12-13 فبراير الحالي 2024م، بدأت رحلة تشكيل بلديات المستقبل.
مثل تلك الندوات واللقاءات والمؤتمرات تدعو للفخر والاعتزاز عندما ترتكز الجهود على الاستفادة من التقنيات الحديثة بما يلبي حاجة المجتمع المحلي، كون القطاع البلدي يُشكِّل بعد التعليم والصحة الضلع الثالث من خلال الخدمات التي يضطلع بها والتي تسهم في جودة الحياة للسكان بشكل دائم.
وفَّرت التقنيات الحديثة والتطور المذهل في الذكاء الاصطناعي وعلوم العصر كل ما من شأنه جودة الحياة للسكان في الدول المتقدمة اقتصادياً، كل تلك التقنيات تُساهم في التطور الزراعي والصناعي والتعليمي والصحي والبلدي، وتسعى بلادنا – حرسها الله – إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا وفق ما يتطلبه العصر الحالي.
أغلب المشكلات التي تُعاني منها المدن هو الازدحام المروري، وقلة المواقف للسيارات، والتكدُّس السكاني، وندرة المخططات والأراضي السكنية، والتلوث الناجم عن صناديق النفايات، والحيوانات الضالَّة في الطرقات، وقلة جسور المشاه، والدوائر الحكومية داخل المدن، والأشجار المزروعة في الشوارع. تلك القضايا والمشكلات هي غيض من فيض لم تحظى بما يكفي من الدراسة، وهذا يستدعي البحث عن حلول لهذه المشكلات ومنها:
توسعة الشوارع القائمة حالياً مع نزع الملكيات واستحداث شوارع أخرى داخل الأحياء، وتوفير منافذ لعبور المشاه تحت الأرض بما يكفي للانتقال للضفة الأخرى للشارع، وإلزام مُلاَّك المباني المُخصَّصة للشقق المخدومة بضرورة توفير مواقف للسيارات بالدور الأرضي، وتخصيص مواقف عامة مجانية للسيارات في كل الأحياء.
ومن الحلول أيضاً التخلص من الحيوانات الضالَّة التي تجوب الشوارع وتُشكِّل خطراً على المارة بنقلها إلى أماكن بعيدة عن السكان والمساكن، وإزالة الأشجار التي تتوسط الشوارع لما تسببه من حجب للرؤية، واستهلاك للمياه، وتكسير للشوارع، والتلوث بالأوراق المتساقطة؛ أما صناديق النفايات المكشوفة فقد أضحت ملاذاً للحيوانات الضالة بالتغذي عليها، ومصدراً للروائح الكريهة، والتلوث البصري، وهو ما يستدعي استبدالها بصناديق النفايات الذكية.
أما التكدُّس السكاني والازدحام المروري بالمدن الكبرى (الرياض، جدة، مكة المكرمة، المدينة المنورة) فيُعزى للهجرة المتزايدة للسكان من كافة المناطق باتجاهها نظراً لتوفر الفرص الوظيفية ومقومات الحياة للسكان وجودتها، وهذا يستوجب توفير الخدمات المتكاملة للمدن في الأطراف وتشجيع الهجرة العكسية للحد من العبء السكاني على المدن الكبرى.
ولتخفيف العبء المروري داخل المدن والأحياء يُقترح انشاء مجمعات للدوائر خارجها، والتوسع الأفقي للعمران بديلاً عن الرأسي عبر إنشاء مخططات مستحدثة، وهذا من شأنه المساهمة في زيادة الحركة التجارية وخفض الأسعار للأراضي الصالحة للبناء والعمران.
ومن القضايا التي تتطلب الدراسة والبحث من قطاع البلديات وجهات أخرى هو التفكير في إعادة التوزيع وهندسة المساحات والحدود الجغرافية للمناطق بما يوازي الكثافة السكانية، ليكون للمناطق الشرقية والغربية منها منفذاً بحرياً وحدوداً منتظمة، للحد من تداخل حدود المناطق مع بعضها، ويقلل المسافة بين أطراف المناطق ومركزها قدر المستطاع لخدمة المستفيدين، واستحداث مناطق أخرى بحسب ما تقتضيه الحاجة.
التعليقات