السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

مستقبل السياسة العالمية في 2030 – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

مستقبل السياسة العالمية في 2030 – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

 

تقول كثير من الدراسات الاستشرافية إن العالم اليوم محاط بحالة متزايدة من عدم اليقين “state of uncertainty” نحو مستقبله، ويستدلّون بأثر التغيرات المتسارعة النظام العالمي وفي أشياء كثيرة. على سبيل المثال لقد احتاج المجتمع البشري إلى نحو عشرة آلاف سنة للانتقال من مرحلة الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة. لكنّنا اليوم نعيش ظروف تسارع كبير في الأدوات، ومناهج التفكير، والعلاقات، ومن المرجّح أن يقود الذكاء الاصطناعي المرحلة التالية من الحياة البشريّة في أشياء كثيرة.

وتكشف الدراسات ومعها تحليلات الذكاء الاصطناعي عن كثير من المتغيّرات المحتملة في السياسة العالمية من حيث الحوكمة والاتجاهات ومجالات التركيز التي قد تشكل فعلًا مستقبل السياسة العالمية. ويأتي في المقدمة وضع التحوّلات الجيوسياسية إذ من المرجّح أن يستمر ميزان القوى العالمي في التحوّل، ومن مقدماته صعود قوى جديدة على مسرح السياسة العالمي، وسيكون العالم مضطرًّا حينها إلى التوسع في مفهوم الحوكمة العالميّة لمعالجة قضايا تمس الجميع مثل تغيّر المناخ والأوبئة والأمن السيبراني ونحو ذلك.

ومن المرجّح أن يؤثّر التقدّم التكنولوجي، وخاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والقدرات السيبرانية واستكشاف الفضاء، على الديناميكيات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية، وستحظى الدول التي تتمتّع بقدرات تكنولوجية قوية بمزايا استراتيجية مؤثّرة. أما تغيّر المناخ وقضايا البيئة، فستصبح أكثر بروزًا على جدول الأعمال السياسي العالمي، مما سيؤدّي إلى فرض زيادة التعاون الدولي، وربما أيضا زيادة الصراعات المحتملة حول ندرة الموارد.

ومن جهة الاقتصاد فسيكون للمصالح الاقتصادية بين الدول دور حاسم في تشكيل العلاقات الدبلوماسية على حساب الأيديولوجيا وعواطف العلاقات العرقيّة والجغرافية. ومما لا شك فيه -بحسب هذه التحليلات- أن التغيرات الديموغرافيّة وما ستحدثه من تحوّلات سكانية، بما في ذلك شيخوخة السكان في بعض المناطق (الغرب) وتزايد السكان الشباب في مناطق أخرى (الشرق وأفريقيا)، ستكون عوامل مهمّة في الاستقرار السياسي وأنماط الهجرة والطلب على الموارد، وفي عام 2030 وما بعد (ربما) تكون صورة التحوّل العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة واضحة على الجغرافيا السياسية للطاقة، وهذا قد يعني تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي ويعيد تشكيل التحالفات بناء على قدرات الطاقة النظيفة.

ومن جهة أخرى ستظهر تحديات أمنية جديدة، وستتعزّز تحديات تقليدية مثل الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية، ولكن التحديات الأمنية الجديدة ستكون مصدر قلق كبير لدى المجتمع العالمي خاصة تلك التهديدات الناشئة عن الحروب السيبرانية والأسلحة البيولوجية، والأوبئة.

ويكفي شاهدا على حالة عدم اليقين ما ورد في نتائج مسح جامعة تشابمان للمخاوف الأميركية (CSAF) لعام 2023 الذي كشف مخاوف الأميركيين من عدة أمور، صحيح أن المخاوف التي احتلت المرتبة الأولى تعلّقت بفساد المسؤولين الحكوميين، ولكن المخاوف الكبرى الأخرى أتت بعدها على الترتيب وشملت مخاوف من الانهيار الاقتصادي/ المالي، وأن تستخدم روسيا الأسلحة النووية، أو أن تتورّط الولايات المتحدة في حرب عالمية أخرى.

  • قال ومضى: إذا لم تستطع قراءة المستقبل فكيف تطمئن في حاضرك.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *