يتذكر من جاوز الـ (50) من العمر وأكثر تلك الأيام الخوالي، إذ كنَّا على مقاعد الدراسة بالمرحلة الابتدائية، كان المعلمون يمارسون مع الطلاب أقصى درجات العقاب، ناهيك عن الألفاظ النابية التي تصدر من بعضهم، قد يستعين المعلم بالطلاب الأقوياء بدنياً كمساعدين له في تنفيذ العقوبة، أو يُقاد الطالب من قبل المساعدين للمرور على فصول المدرسة بوصفه –بليداً-ليراه بقية طلاب المدرسة دون أدنى شفقة أو رحمة.
وصف المعلم للطالب بالغباء أو البلادة أو تحقيره والحط من قدره أمام زملائه الطلاب عندما يُقصِّر في أداء واجباته، أو يقع في خطأ سلوكي، تلك الأساليب التربوية في معالجة السلوك تترك أثراً سيئاً في العقل الباطن لديه يبقى أثرها أبد الدهر، قد يصبح الطالب مُحطَّماً نفسياً، أو يترك كرسي الدراسة إلى الأبد.
في المنزل مُعظم من تسمَّى بلقبه كان نتاج تربية أبويه، إذا صدر من أبنائهم أدنى تقصير يُعبِّرون لهم عن التذمُّر بالتَّعيير بصفه يريانها مناسبة للتنفيس عن غضبهم، ويتلقى باقي الأبناء بالمنزل تلك الكلمة بالقبول ويتنادون بها، تتناقلها العامَّة لتصبح لقباً ملازماً للشخص لا يُعرف الا به، تاركةً أثراً سيئاً لدى الملقَّب بها طوال حياته.
على الرغم من استخدام العصا سابقاً كوسيلة للعقاب البدني للطلاب في المدارس، لكنها وإن تركت أثراً جسدياً فإنها سُرعان ما تُنسى، الشيء الوحيد الذي يبقى في الذاكرة أحد موقفين، موقف إيجابي قام به الطالب يتلقى عليه الشكر والتقدير والثناء والمديح أمام زملائه الطلاب، والآخر موقف سلبي صدر منه يُعاقب عليه أمام الملأ بالعتاب والتوبيخ والشتم والتحقير.
يُخطئ بعض الآباء عندما يُعبِّرون عن مشاعرهم تجاه أبنائهم بقسوة من خلال تجريحهم بكلمات تحمل معنى الشتم واللعن والسب والدعاء بعدم التوفيق، أو بكثرة وتكرار النصائح والتوجيهات، كون تلك الأساليب تجعل من الأبناء ينتهجون العقوق كوسيلة للتعبير عن التذمر ورد السيئة بمثلها.
ختاماً: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وقد نهى الإسلام عن التنابز بالألقاب، وفي الأثر أن أبا ذر وصف بلال بقوله يا بن السوداء، فقال له رسول الله، أعيَّرته بأُمِّه، إنك امرؤُ فيك جاهلية. وهي دعوة بالتلطف مع الطلبة والأبناء، باختيار الألفاظ الحسنة، وعدم التعجل في إصدار العقوبة، والتوسط في العتاب والعقاب، وعدم مجاوزة الحد، فالخطأ وارد وخير الخطائين التوابون.
التعليقات