الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٠ شوال ١٤٤٦ هـ

جهود نزاهة في مكافحة الفساد! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

جهود نزاهة في مكافحة الفساد! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تُباشر عدداً من القضايا الجنائية، وتوقف بعض المسؤولين على خلفية الاستغلال الوظيفي، وتُحقِّق في قضية استغلال مالي وفساد إداري، كل ما سبق هي عناوين لقضايا باشرتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد منذ نشأتها حتى الآن.

انشاء هذا الجهاز كان من أعظم الإنجازات التي شهدتها المملكة العربية السعودية، والذي كان سبباً بعد توفيق الله في إيقاف المسؤول الذي استغل سُلطته الوظيفية بالسطو على المال العام للمنفعة الشخصية، أو احتكر الفُرص الوظيفية المتاحة في القطاع الذي تولَّى مسؤوليته لأقاربه وذويه دون أدنى مسؤولية، أو تسبَّب في أذى للآخرين مُتكئاً على سلطته ونفوذه.

اللافت للنظر أن هذا الجهاز يمتلك من الشفافية والمصداقية والشجاعة ما جعله مضرب المثل ليس في بلادنا فحسب، بل في كل الدنيا، فقد جعل الناس سواسية في المسؤولية، مهما بلغت منزلتهم أو ارتفع قدرهم، وهذا ما شجَّع المواطن والمقيم على الاتصال والإبلاغ عن كل شبهة فساد عندما أتاحت الهيئة طرق التواصل معها بكل الوسائل الممكنة لتلقي الشكاوي والبلاغات.

الجهود الملموسة لدى هذا الجهاز تفوق الوصف، وهي جهود مشكورة، حيث أبانت وكشفت ولا تزال عن مواقع الخلل في كافة القطاعات، استشعاراً لمسؤوليتها، فجنَّدت كل إمكاناتها عبر موظفيها الأكفاء في كل المناطق والمحافظات، وبذلت كل السبل للتحقق من مصداقية ما يرد إليها من بلاغات، وجعلت المواطن شريكاً لها في عملها في الأخذ والعطاء.

أسهمت الهيئة خلال الفترة التي باشرت فيها أعمالها في الحد من الفساد من خلال إحالة المُذنب للقضاء العادل لينال ما صنعت يداه، وأحاطت الشعب بالقضايا التي يُكشف عنها بالتفصيل عبر وسائل الاتصال المتعددة لأخذ العبرة والحذر.

لا يُطلق على من يسطو على المال العام لصاً ولا سارقاً كون اللص والسارق إنَّما يهدف من السرقة سد الرمق نتيجة الفقر والحاجة، بل يُسمَّى خائناً للأمانة، بعد أن أخذ الثقة وربَّما الحلف باليمين بأن يكون درعاً للوطن ومحرزاً للمال العام من أي اعتداء من الغير، فكيف إذا كان المسؤول هو ذاته من يعتدي ويسطو دون وازع من دين أو ضمير؟.

كثرة القضايا والتحقيقات أضافت لدى الهيئة رصيداً كافياً من المعلومات القيِّمة التي يُمكن أن تُزوِّد بها الجامعات عبر مراكزها البحثية لبحث الأسباب والدوافع التي تجعل المسؤول يسطو على المال العام رغم المكانة الاجتماعية التي يحظى بها، والرواتب العالية التي يتقاضاها، والمنزلة الرفيعة التي نالها.

الاتكاء على المؤهلات العلمية، أو الحضور الإعلامي، أو القدرة على بناء علاقات اجتماعية للمسؤول عندما يُراد ترشيحه للقيام بمسؤولياته لا تكفي، إذا لم يكن لديه الوازع الديني والضمير الحي امتثالاً لقول الله تعالى ( إنَّ خير من استأجرت القوي الأمين ).

ختاماً: رسالة للمسؤول الذي يسرق المال أو يخون الأمانة هو كمن يحفر لنفسه قبراً بعد أن بنى قصراً، والجسم الذي ينبت من حرام فمآله النار، والسُّمعة الحسنة لا تُباع ولا تُشترى يموت صاحبها ويبقى الأثر، فاجعل لنفسك أثراً حسناً وذكرى طيبة قبل أن ترحل وتترك عملكَ ومنصبكَ وكُرسيِّك.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *