تبدأ رحلة التعليم والتعلم منذ سن التمييز وتنتهي بالتخرُّج، ثم تبدأ رحلة العمل والوظيفة وتنتهي بالتقاعد، أمَّا الصحة فهي المجال الذي يبدأ مع الإنسان مبكراً قبل الولادة وينتهي عند مفارقة الدنيا؛ هذا يدعونا للتفكير جلياً في معالجة مشكلات هذا القطاع معالجة موضوعية من خلال سبر الواقع والبحث عن مكمن الخلل وإيجاد الحلول.
تطرَّقنا كثيراً لهذا الموضوع، وتصدَّى أيضاً كُتَّاب كثيرون لهذه القضية، فالصحة من أهم القطاعات إن لم تكن الأهم على الاطلاق في حياة الفرد والمجتمع، وليس عجباً!، فكل بلاد الدنيا تُولِي الجوانب الصحية الرعاية والاهتمام، وترصُد لها المليارات من دخلها القومي، ليستطيع المجتمع القيام بمسؤولياته كاملة بنشاط وحيوية كون العقل السليم في الجسم السليم.
عندما تأخذك قدميك في زيارة خاطفة لأحد المراكز الصحية التي تنتشر في كل قرية وضاحية، أو لمركز الطوارئ والعيادات في المستشفيات الحكومية أو الخاصة، فإنك حتماً سوف تشاهد الكوادر الآتية، مٌمرِّضات -من بلاد الهند والسند- لاستقبال الحالات وفحص درجة حرارة المريض لينتقل لمقابلة الطبيب العام- من بلد عربي أو من الجنسيات سابقة الذكر-؛ قد تستدعي الحالة التحويل للطبيب المختص – من بلد آخر – ليصف الدواء المناسب؛ اللافت عدم وجود الكوادر الطبية والتمريضية من أبناء الوطن سوى موظف الاستقبال المسؤول عن تسجيل الحالة في جهاز الحاسب الآلي.
رُبَّما يُثار التساؤل حول سبب غياب الكوادر الطبية في منشآتنا الصحية وكذا الأيدي العاملة السعودية المهنية المختصة في المجال الطبي على الرغم من وجود وتوفر كليات الطب والعلوم الطبية وكليات التمريض في كل الجامعات منذ أمدِ بعيد، وما المُعوِّقات التي أسهمت في هذا النقص الشديد في هذه الكوادر حتى الآن ؟.
تزخر المستشفيات الحكومية بالعديد من الموظفين الوطنيين في المجال الإداري بما يزيد عن الحاجة، يتقاضى معظمهم رواتب خيالية وفق سلم الرواتب للكادر الصحي، دون وجود نواتج ملموسة تُساهم في خدمة المرضى بشكل حقيقي وملموس.
الشيء بالشيء يُذكر، قلة الكوادر الطبية المتخصصة كان من نتائجها تردِّي معظم الحالات المرضية التي قد تبقى فترة طويلة بانتظار الموعد المُحدَّد، فالتقنية الحديثة وتطبيق صحتي قد لا تفي بالغرض المقصود سوى في سرعة الحجز، لتكون بهذا قد أسهمت في حفظ الوقت، أما حجز الموعد لأجل قريب فغير ممكن، عدا الموظف الذي لديه القدرة على تجاوز هذا التطبيق عندما يرغب في خدمتك بتقريب الموعد.
خلاصة القول، مشكلات الصحة التي تتمثل في نقص الكوادر الطبية والتمريضية الوطنية، والأعداد الهائلة من الموظفين الإداريين التي تزيد عن الحاجة، والمدى الزمني البعيد اللازم لمقابلة الطبيب المختص، كل تلك المشكلات لا تخفى على مقام وزارة الصحة، ما يستدعي وضع تلك القضايا على طاولة البحث لدراستها وايجاد الحلول الفعلية والجادة لها حتى الوصول بحول الله وقوته في القريب العاجل إلى الاكتفاء الذاتي من الكوادر الطبية الوطنية المتخصصة بشكل نهائي.
التعليقات