السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

تردِّي مستوى الخط العربي! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

تردِّي مستوى الخط العربي! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

عندما افتقدت مدارسنا للكشكول أو الدفتر الذي يحمل منه الطالب في حقيبته كراستين لكل مادة ضاعت كثيـــر من المهارات التي أجادها الطلاب سابقاً، لاسيما في دروس اللغة العربية، وسائر المواد والمقررات الدراسية الأخرى كذلك.

كانت الواجبات تستهلك معظم الأوقات بعد الفراغ من الدوام المدرسي قبل نصف قرن من الزمن، فالواجب المنزلي يُنفَّذ نهاراً بالمزارع والحقول قبل حلول الظلام، فلا يوجد كهرباء تضيء منازلنا سوى شعلة نار من حطب أو الفانوس أو الأتريك الذي بالكاد ترى به ما حولك، فهو المصباح الذي يضيء المنزل بكافة أرجائه، تستضيء منه الأسرة حتى بعد العِشَاء بقليل قبل أن ينطفئ.

القراءة والكتابة هي الهدف المنشود الذي يَحرِص عليه المعلم في تعليم طلابــه آنذاك بكافة المواد الدراسيــــــــــة؛ في الفصل نقرأ بصوتٍ عالٍ، والمُعلِّم يُصحِّح، والطلاب يتابعون حرفاً حرفاً وكلمةً كلمة، ثم نكتب المقروء على السبورة وفي كراسة الصف، وقد ننتهـــز الفرصة للفائض من زمن الفسحة المدرسية للرسم والكتابة بالطباشير على السبورة؛ أمَّا كتابة درس المطالعة كاملاً بالمنزل بالحرف والتشكيل فهو بشكل يــــــــومي ليس عن رغبةٍ مناَّ ولكنَّه الخوف من عصيان المعلم وعصاه؛ ولا عجب! فمن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل.

يتعلم البشر من صعوبة الحياة وقسوتها أضعاف ما يتعلمونه عندما تصفو، فمدارسنا الحجريــــــة تلك الفترة تَعُج بالحركـــــــة والأنشطة في كل الميادين، فلا نزال نذكر حالة الاستنفار مُبكِّرين مع اطلالة كل صباح للذهاب للمدرسة مشياً على الأقدام، وحضور الطابور الصباحي، ورفع العلم بالسارية، والشدو بصوتٍ عالٍ بالنشيد الوطني، والالتحاق بجماعة النشاط المدرسي؛ لنحتفل ونفخر نهاية العام بعــــــرض نماذج للأنشطـــــــــة المدرسية ( مجسمات، ابتكارات، صحف حائطية، فنون الخط والرسم، الشعر والخطابة، حفل مسرحي ) …الخ.

إنَّ وجود المباني المدرسية الحديثة في الوقت الحاضر لم يُثمِر عن جودة في التعليم كما هو مُتوقَّع؛ حيث نشاهد الطلاب المنتظمين بالمدارس لا يُجيدون الخط والإملاء ولا التعبير أو الإنشاء بالشكل الصحيح على الرغم من وجود البيئة المدرسية المُحفِّزة، والمقررات ذات الطباعة الفاخرة، والمعلمين الأَكفاء المؤهلين تربوياً، وتوفُّر مقومات الحياة الكريمة لدى معظم الأُسَر؛ لنتساءل معاً عن العوامل التي أدَّت إلى تَردِّي مستــــــــوى الخط العربي لدى معظم الطلاب في المدارس بشكل عام؟.

عوامل عديدة مع الأسف أسهمت في تَردِّي مستوى الخط العربي لدى معظم طلابنا في هذا العصر منها، وسائل التواصل الاجتماعـــــي، التقنيات الحديثة، دمج مواد اللغة العربية في مقرر مشترك تحت مُسمَّى “لغتي”، التقويم المستمر خلال العقدين الماضيين، قلة الواجبات المدرسيــــــــة، سهولة الاختبارات التحصيلية، عدم تعاون البيت مع المدرسة، تلاشي مجالس الآباء.

ختاماً: رسالة للآباء نقول فيها، ليس من سبيل لتعليم الأبناء لغتهم العربية الأصيلة إلا من خلال العناية بالخط والكتابة، وتشجيعهــــــــــم عليها، وتعليمهم فنونها، واستثمار وجود كراسات الخط والفنون في المكتبات العامة التجارية بتوفير ما يلزم منها للمنزل، ليتعلـــم الأبناء ذاتياً لتحسين الخط وإجادته؛ ويقع على عاتق وزارة التعليم البحث عن آلية لتجويد الطلاب للخط العربي، فمن خلاله يتعلمون إجادة باقي علوم اللغة العربيـــة للنهوض بها إلى مصاف اللغات العالمية.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *