السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

حِمَى الأودية والسيول! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

حِمَى الأودية والسيول! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

في هذه الأيام حيث يَحِل موسم الشتاء وتكثر الأمطار تتشكَّل وتنتقل على أثرها السيول عبر الأودية لتجرف ما في طريقها من سيارات ومحال ومنازل دائمة أو مؤقتة، فقد استوطن منذ القدم حتى اليوم رعاة الأغنام ومربو الماشية في مجاري الأودية قريباً من الماء والمرعى حيث تنمو الأعشاب على ضفاف الأودية ومساقط المياه بكثافة.

ما دعاني للحديث عن هذه القضية في هذا المقال ما نشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام من سيول جارفة تنتقل بالعادة من جبال السروات وتشق طريقها عبر الأودية لتنتهي بالبحر؛ شاهدت من خلالها مقطعاً مرئياً للسيل حاملاً معه محل coffee shop، معلقاً صاحبه على المقطع بقوله “سوف أبحث للمقهى عن موقع وترخيص بلدي لمحل آخر جديد وسأوافيكم بالخبر لاحقاً”؛ هذا المقطع والتعليق يصيبك بالدهشة، ويدعو للعجب! ويثير سؤالين اثنين للبحث عن الإجابة.

– لماذا تسمح البلديات بالتراخيص للمحلات الواقعة في مجاري الأودية ؟.
– وما دور الدفاع المدني للحيلولة دون وقوع كوارث في بطون الأودية من جَرَّاء السيول ؟.

يتباهى بعض الشباب بالقدرة على تجاوز السيل عند جريانه فيغامر بحياته ومن معه في المركبة، يتداعى على الأثر رجال الدفاع المدني والحاضرين لإنقاذ هذا المغامر والذي قد يذهب غرقاً لجهله بعواقب ومخاطر السيل دون أي مسؤولية عليه لاحقاً بعد عملية الإنقاذ سوى التهنئة بالسلامة، وهذا ما شَجَّع المغامرون على اقتفاء الأثر للناجين في تلك المغامرات.

عندما تأخذ جولة على تلك الأودية ترى العجب!، فخلايا النحل تفترش بطون الأودية، والبيوت المؤقتة للسكن ممثَّلة في العشش والصنادق وبيوت الشعر والبيوت الخشبية تملأ الأرجاء، والأحواش والشبوك والحواجز تكتظ بالأغنام، دون إدراك أصحابها للعواقب التي تنتظرهم من جَرَّاء السيول المنقولة أو التي تتشكَّل أثناء سقوط الأمطار، أو حتى من الجهات الرسمية التي يُنَاط بها مسؤولية حماية الأودية والسيول.

تزداد المخاطر على السكان من السيول عند وجود السدود أعالي الأودية لحفظ المياه، فهذه السدود تشكل خطر جسيم وكارثي بكل المقاييس حال انهيارها لسبب من الأسباب، إذ يبدو أننا لم نتعلم الدروس والعبر من التاريخ بدءاً من سد مأرب باليمن قديماً وانتهاءً بسد درنة في ليبيا حديثاً عندما انهارت وقضت على ما في طريقها من البشر والشجر والحجر.

ما أود قوله: رسالة للبلديات بمنع التراخيص للمحلات الواقعة في بطون الأودية، وثانيها للدفاع المدني الذي عليه المُعوَّل ومعظم المسؤوليات بوضع حدود لمجاري السيول تُشكِّل حَرَم وحِمَى للأودية تأخذ في الحسبان أعلى ارتفاع أو مدى تصل إليه السيول في أقصى حالاتها، ومنع استيطان الأودية بالبيوت المؤقتة أو السكن أو الانتفاع بكافة أشكاله وصوره، واعتبار ذلك مخالفة تستوجب المساءلة وايقاع الجزاء والغرامات بحق المخالفين، ومعاقبة المغامر باجتياز السيل حال جريانه، والتوعية بمخاطر السيول والأودية لا سيما في موسم سقوط الأمطار.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *