المقال نص مكتوب يُعبِّر عن رأي الكاتب حول مشكلة معينة أو قضية محددة، فالمشكلة تتضمن طرح عدة تساؤلات عن أسبابها وتأثيرها في الواقع وكيفية إيجاد الحلول لها، أما القضية فتتناول نص مكتوب يُعبِّر فيه الكاتب عن ماهية القضية ويفسر حدوثها دون الدخول في قضية حلول لها لعدم وجود مشكلة أساساً يتناولها في مقاله.
في الحالتين نجد تباين المقالة العلمية عن المقالة الأدبية، فالعلمية يتخذ فيها الكاتب أسلوب البحث العلمي الرصين في البدء بالمقدمة والانتهاء بالخاتمة، يسرد فيها ما يَوَد الكتابة فيه ضمن المقدمة، ويتخذ طريقة الهرم المقلوب أسلوباً في كتابته، بدءاً من الكل إلى الجزء، ومن العموم إلى الخصوص، ثم ينتقل للمشكلة ذاتها ليتساءل عن أسبابها، وأثرها، وفي خاتمة المقال يطرح الكاتب المقترحات والتوصيات التي يراها من وجهة نظره لحل هذه المشكلة.
أمَّا المقال الأدبي فهو مقال هش أشبه بالبالون المملوء بالهواء تطير به الريح أو تهوي به في مكانٍ سحيق، غاية ما يذكره الكاتب في ذلك المقال سطور تتوشح بها مقالته تتضمن كلمات لها سجع ونسق جمالي خارجي لا يخرج منها القارئ بفكرة واحدة، حتى إذا استكمل قراءة المقال لا يجد له عنواناً أو هدفاً يسعى إليه الكاتب.
نعود إلى السؤال المطروح “كيف تكتب مقالة علمية”، وللإجابة على هذا السؤال لابد من وجود الأدوات، فالكاتب أشبه بالمهندس الذي يأخذ معه أدوات القياس في عمله كالمسطرة والقلم والفرجار والمتر الطولي وغيرها من الأدوات.
من أدوات الكاتب معرفة الطريقة العلمية في الكتابة ومنها: عدم التكرار للكلمات في الأسطر المتقاربة، مع ترك مسافة واحدة بين الجُمَل، وتحديد علامات الترقيم كعلامة الاستفهام؟، وموقع علامة التعجب!، واستخدام الأقواس ( ) وعلامات التنصيص ” “، والشرطة – والفاصلة، والفاصلة المنقوطة؛ والنقطة.
ومن تلك الأدوات: الالمام بالمصطلحات العلمية والأدبية في شتى المجالات، ومعرفة المفاهيم، واستيعاب قواعد اللغة العربية في النحو والصرف والأدب والبلاغة والنقد، والقراءة والاطلاع في المقالات السابقة للكُتَّاب والمثقفين، ناهيك عن القراءة في القديم والحديث من مصنفات الأقدمين وكتب وأبحاث المُحدَثين، بهدف اكتساب ثروة لغوية هائلة تجعل منك كاتباً مثقفاً قادراً على كتابة عشرات المقالات في الموضوع الواحد بسهولة ويسر دون أن تكرر المقال.
إنَّ الوصول لأن تكون كاتباً قادراً على الكتابة بحرفية ومهنية عالية يتطلب منك الصبر الطويل في القراءة والاطلاع قارئاً نهماً مُحِباً للكتاب بعيداً عن المخالطة للكُسالى أو مجالستهم، أو باحثاً تلهث طوال الوقت عن التكسب للمعيشة، أو تضيع أوقاتك الثمينة في الحل والترحال، كما يتطلب تدوين الهوامش فيما تقرأ للعودة له لاحقاً لتلخيص ما قرأته في الكتاب، ولا بد من توفر العوامل الخارجية المساعدة والظروف المناسبة والتدريب الكافي على تدوين الملاحظات كلما سنحت لك الفرصة، وأخيراً وجود الميول والاهتمامات لاتخاذ القراءة والكتابة منهجاً لك طوال حياتك.
التعليقات