السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

غزة.. جرائم الاحتلال حلال؟ – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

غزة.. جرائم الاحتلال حلال؟ – بقلم الدكتور  فايز عبدالله الشهري

 

لم تكن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة اليوم سوى نموذج صغير لسلسلة فظائع وجرائم امتدّت وامتدّ معها صمت العالم منذ قدوم العصابات الصهيونيّة لأراضي فلسطين بعد الحرب الغربيّة (العالميّة) الأولى. الفرق اليوم أن هذه الجرائم ترتكب (بكل صفاقة) أمام شاشات التلفزة وعلى نظر العالم وبتأييد قوى عالميّة.

ومع هذه المناظر التي تنفطر لها القلوب نشير إلى مأساة تعمّد (ضمير) دول كبرى ومنظمات عالميّة تغييب حقيقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تحققت فيها كل خروقات القانون الدولي وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، ومعه القانون الجنائي الدولي. هذه الجرائم التي يصورها فقهاء القانون الدولي بأنها جرائم مكتملة الأركان تتضمن كل أشكال الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

والعجيب أنه مع تزايد المشاهد البشعة للمذابح والقصف المجنون والحطّ من كرامة وقيمة الإنسان الفلسطيني تتجلّى أقبح صور تبرير انتهاكات القوانين الدوليّة وتسويغ جرائم تقع مباشرة ضمن نطاق اتفاقيّة جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافيّة التي تحظر كل هذا. والأكثر وقاحة أن من الحلول المطروحة من قبل الاحتلال ما يقع ضمن محرّمات الاتفاقيات الدوليّة التي لا خلاف عليها، ومنها تجريم نقل السكان المدنيين أو النقل والتهجير القسري من الأراضي المحتلة.

حتى وقت قريب لم يرحم المجتمع الدولي مجرمين وقادة عسكريين وسياسيين من ألمانيا (نورنمبرغ) ويوغسلافيا السابقة ورواندا وغيرها في المحاكمات التي أجريت لجرائم أقل من جرائم (دولة) الاحتلال الإسرائيلي. وفي ظل وضع دولي سليم فإن أي انتهاكات مثل ما يفعله جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم وبالأمس ينبغي أن تقع تحت القانون الدولي ما يعني محاكمة القادة العسكريين والسياسيين، بتهم أقلّها ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانيّة أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة التي تعد أبرز المؤسسات التي يمكنها محاكمة الأفراد على جرائم الحرب المتعلقة باحتلال الأراضي.

وما برحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيما يخص قطاع غزة تخادع المجتمع الدولي وتتحايل على القوانين منذ أكثر من أربعة عقود بالادعاء بأنها توجد هناك ليس بصفتها “احتلالاً” لأراضي فلسطينيّة، ولكنها “إدارة”، وبالتالي فإنها لا تدخل في نطاق اتفاقيّة جنيف الرابعة وقانون الاحتلال الناجم عن الحرب.

ولتعميق هذه الحيل القانونيّة انسحب الجيش الإسرائيلي من غزة، وانتهى الوجود الاستيطاني قانونياً في القطاع في سبتمبر 2005 وتحت مزاعم أمنيّة وإنسانيّة أنشأت قوات الاحتلال بعد انسحابها مباشرة “منطقة عازلة” على طول الحدود البريّة مع القطاع التي أصبحت تُعرف بغلاف غزة تتضمن 50 مستوطنة.

وهكذا مثلت هذه المنطقة القريبة من غزّة منطقة جذب لتفريغ الغضب الفلسطيني وفي ذات الوقت تعطي مظلّة قانونيّة لقوات الاحتلال للتدخل العسكري وصب حمم النار على أهالي غزة وقتما تشاء بالتحايل على القانون الدولي والأعراف الإنسانيّة… يقول معلّمنا التاريخ: إن الاحتلال لا يدوم وإن طال أمده. 

قال ومضى: متى يتعلّم من لعنته الجغرافيا ولفظه التاريخ؟

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *