ما أشبه الليلة بالبارحة، واليوم بالأمس، فالتاريخ يُعيد نفسه، ومن يتأمل حصار غزة اليوم يتذكر حصار النبي صلى الله عليه وسلم وبنو هاشم في شعب مكة مع فارق التشبيه، فقد حاصرتهم قريش في الشعب حتى أكلوا ورق الشجر والجلود ثلاث سنين وأخذ منهم الجوع مأخذه، لكن غزة اليوم تُحاصر من كل أُمم الأرض، فقد تداعت الأمم(المتحدة) على قصعتها (أرض العرب) ليس من قلة في المسلمين ولكنهم غُثاء كغثاء السيل، ينزع الله من صدور عدوكم المهابة منكم كما ورد في الحديث.
سنة الله في خلقه أن لا يُعجِّل هلاك الظالم بظلمه، ولو فعل لم يترك على ظهرها من دابة، وهو القائل عندما يشتكى الضعفاء يوم القيامة من بطش الأعداء بقوله” ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها” وهي سنة باقية إلى قيام الساعة، ولم يكن بُد من هجرة الرسول من مكة للمدينة وإذنه بهجرة أصحابه من قبله للحبشة إلا خوفاً من أذى قريش على الرغم من حُبِّه لبلده مكة حتى قال” وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ.
إن استبقاء البشر أولى من استبقاء الحجر، فالأرض لله يُورِثها من يشاء من عباده، وما يحدث في غزة اليوم من حصار مطبق من كل الجهات لا طائل من ورائه سوى الموت بالقتل أو الجوع أو المرض، دون النظر إلى من يقول إن خروج أهل غزة هو موت للقضية، فالقضية ليست على قيد الحياة حتى نخشى عليها الموت، فقد ماتت قبل أن تحيا، ولا قدرة للصغير والكبير والضعيف والمريض على القتال، فهم أحوج إلى من يُطبِب جِراحهم، ويُطعِم جائعهم، ويُؤمِّن خائفهم، ويُوفِّر لهم مُقوِّمات الحياة.
ما سبق يستدعي من مصر الكنانة والعروبة والتاريخ فتح المعابر لخروج أهل غزة من أقفاصهم إلى بر الأمان، وبيوت العرب والمسلمين مفتوحة أبوابها، فلهم مالنا وعليهم ما علينا، حتى يأذن الله بالنصر أو أمرٍ من عنده، ومن تبقى داخل غزة من أهلها المقاومين ندعو لهم بالنصر على أعدائهم، وإن لم يُكتب لهم النصر فقد نالوا الشهادة والفوز بالنعيم المقيم في الدار الآخرة.
ختاماً: رسالة لكافة العرب والمسلمين نقول فيها إن أُمم الأرض قد تداعت عليكم ليس لتهجير أهل غزة فحسب، فالخطب القادم أعظم، وما غزة سوى بداية التهجير لكل العرب من أرضهم لقيام إسرائيل الكبرى من النيل للفرات، فقد وضع القوم مخططاتهم، وأعدوا العدة والعتاد لتحقيق غاياتهم، فاليوم غزة، وفي الغد مصر الكنانة، وبعد غد ما تبقى من بلاد العرب، وليس لكم من سبيل سوى وحدة الصف، وإلا سوف يأتي اليوم الذي نقول فيه” إنما أُكلت يوم أكل الثور الأبيض” وقد أعذر من أنذر.
التعليقات