الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

هل من حلٍ لظاهرة ( الأوبريت ) في واقعنا؟؟ – بقلم أ.د. صالح بن علـي أبو عرَّاد

هل من حلٍ لظاهرة ( الأوبريت ) في واقعنا؟؟ – بقلم أ.د. صالح بن علـي أبو عرَّاد

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فلا أجدُ حرجاً في قولي: لقد ابتُلينا في هذا الزمان ومنذ سنواتٍ ليست بالقليلة بإحدى الظواهر الدخيلة التي وفدت إلينا وظهرت في مجتمعنا بطريقةٍ عشوائيةٍ وغيـر منطقية، وتتمثل تلك الظاهرة فيما يُسمى في الإنجليـزية بـــ ( الأوبريت operetta )، وهي تسميةٌ تُشيـر المراجع إلى أنها اسم التصغيـر من ( اوبرا فـي اللاتينيةOpera )، ولها معناه المسـرحـي المستقل، وأنها في حقيقة الأمر لا تمُتُ لما نراه من الأوبريتات في واقعنا الحاضـر بأي صلة.

ومع ذلك؛ فإن ما نراه ونعيشه في واقعنا من انتشارٍ كبيـرٍ لهذه التسمية على كل عملٍ فنيٍ تقريباً يحتاج منّا جميعاً إلى وقفةٍ جادةٍ حيال هذا الموضوع، فلا يكاد يُعلن عن مناسبةٍ ما إلاّ ويكون لها أوبريتـها الخاص الذي تُحشد له الطاقات، وتُختار لأجله الأسماء، وتُصـرف على إعداده الميـزانيات، ثم تكون النتيجة – كما هو معروف – مجرد عمل فني بسيط وعادي، وربما كان أقل من ذلك.

الجديـر بالذكـر أن عدد الأوبريتات التي نسمع عنها هنا وهناك، وفي الإعلانات والدعايات، وما في حُكمها من الدعوات المنشورة عبـر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة قد أصابنا بالغثيان وعدم القابلية، وبخاصةٍ أن معظم ما يُقدّم لنا على أنه ( أوبريت ) ليس إلّا ( احتفالاً غنائياً ) عادياً ومكروراً في شكله ومحتواه، فلا إبداع فيه ولا جديد، ولا تناغم ولا تناسق، ولا فكرة ولا مضمون…إلخ.

وهذا يعني أن من الواجب علينا أن نُعيد النظر في واقعنا، وفي حقيقة هذه التسميات المغلوطة وبخاصةٍ أننا نعلم جميعاً أنها تسميةٌ غيـر عربية، وليست لنا في الأصل.

ثم لأن معنى ( الأوبريت ) لا يعني أبداً ذلك المزيج من الكلمات ( الفصيحة أو الشعبية ) المغناة والمصحوبة بشيءٍ من الأداء الحركـي الباهت، أو بعض الرقصات الشعبية الاستعراضية.

كما أن ( الأوبريت ) ليس عبارةً عن عدة لوحات فنية متتابعة ومُتداخلة.
وليس ( الأوبريت ) شكلاً واحداً في تنظيمه وتقديمه وإخراجه.

وأخيـراً أُشيـرُ إلى عددٍ من التساؤلات المهمة التي تفرض نفسها في هذا الشأن لتقول:
= ما الذي يجعلنا نتهافت على هذه التسمية الوافدة والدخيلة على واقعنا؟
= هل لغتنا العربية عاجزةٌ عن تسميةٍ مناسبةٍ وبديلةٍ لكلمة ( أوبريت )، تكون نابعةً من بيئتنا وتحفظ لنا هويتنا وشخصيتنا؟
= حتى متى ونحن نُعاني من تلك ( الأوبريتات ) التي لا تُقدِّم لنا – رغم كثـرتها واختلاف مناسباتها – سوى نفس اللوحات الفنية المتشابهة المكرّرة والمستهلكة؟
= ماذا سيحصُل لو تم تنظيم تلك الاحتفالات الشعبية وتقديمها بدون أن نسميها أوبريتات؟

أسأل الله تعالى للجميع التوفيق والسدّاد والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد.

التعليقات

تعليق واحد على "هل من حلٍ لظاهرة ( الأوبريت ) في واقعنا؟؟ – بقلم أ.د. صالح بن علـي أبو عرَّاد"

  1. أشرك لك سعادة الأستاذ الدكتور صالح ابو عراد على طرح هذا الموضوع الهام فقد لامست جرحا وليت نلقى له إيلام
    لاشك بلينا بعدد من الظواهر الدخيلة على تراثنا وموروثنا الثقافي ولسنا ضد التجديد ولا التغيير لكن يجب ان يكون ذلك مابعا من ثقافتنا ولغتنا التي لا ولن تعجز في احتواء مفردة او معنى لذلك
    وأخشى ما اخشاه ان يعترف بذلك الإسم او المصطلح كما اعترف مجمع اللغة بمصر في سقطة من سقطاته في الإعتراف بكلمة ترند
    وليت المختصين يجدوا لنا كلمات من لغتنا بديلة لذلك المصطلح او المسمى الدخيل على موروثنا كما اسلف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *