الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

معركة طوفان الأقصى – بقلم الدكتور جرمان احمد الشهري

معركة طوفان الأقصى – بقلم الدكتور جرمان احمد الشهري

 

في صباح يوم السبت 22 ربيع أول 1445 هجرية، سجلت الفصائل الفلسطينية واقعة تاريخية ويومًا مفصليًا في مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين كما يراه البعض؛ حيث كان هذا الهجوم النوعي الفلسطيني مفاجئًا للإسرائيليين وللعالم أجمع، وقد وصفه وزير الخارجية الأمريكي بأنه ( أسوأ هجوم على إسرائيل منذ عام 1973 )، وتكمن أهمية هذا الهجوم بأنه أثخن المحتل الإسرائيلي قتلًا وأسرًا ليس في صفوف المدنيين فقط، بل طال القواعد والمراكز العسكرية التي وصل إليها المقاتل الفلسطيني مقتحمًا ومواجهًا للقوات الإسرائيلية، فبلغ عدد القتلى العسكريين الإسرائيليين حتى كتابة هذا المقال 155 قتيل وبلغ عدد الأسرى 100 أسير من ضمنهم جنرالان في الجيش الإسرائيلي، بينما كانت الحصيلة العامة للمقتولين الإسرائيليين 900 قتيل والمصابين أكثر من 2600 مصاب ..

العملية الفلسطينية سميت ( معركة طوفان الأقصى )، وتستهدف الدفاع عن المسجد الأقصى نيابة عن جميع المسلمين، والدفاع عن أرض فلسطين المحتلة أصالة عن الفلسطينيين أنفسهم في دحر العدوان والاحتلال عن وطنهم وأرضهم .. هذه العملية المرعبة للاحتلال مهما أعقبها من انتقام وحشي محتمل من قبل الإسرائيليين، إلا أنه كما يراها البعض ستظل “وسام شرف وتاج عز” يفخر به الشعب الفلسطيني، فالأوطان المحتلة في أي مكان تدرك تمامًا بأن تضحياتها ستكون جسيمة من أجل تحرير الأوطان، ولذلك فهي لا تبالي بكثرة الخسائر المادية والبشرية فخسارة الأوطان لا تُقدر بأي ثمن ..

ولا شك أن المحتل الإسرائيلي مهما بلغ من القوة العسكرية لن يشعر بالأمن والأمان طالما يمارس العدوان والعربدة ضد الفلسطينيين، وليس أمام الإسرائيليين إلا القبول بمبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز – رحمة الله عليه -، والمتمثلة في حل الدولتين، والتي رحبت بها الأمم المتحدة كحل شامل وعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وماعدا ذلك سيظل الفلسطينيون شوكة دامية في حلوق الإسرائيليين، وما يحدث الآن ليس إلا رسالة فلسطينية واضحة، بأن المقاومة مستمرة ومتواصلة مهما كانت النتائج، وعلى المحتل الإسرائيلي تحمل المسؤولية أمام شعبه وأمام العالم أجمع.

يقول وزير الخارجية الأمريكي: ( لنعمل سويًا من أجل عدم توسيع الأزمة الحالية بين الإسرائيليين والفلسطينيين ) هذه العبارة المزيفة على لسان بلينكن تختلف جذريًا عن الواقع الذي مارسته أمريكا منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى؛ حيث بادرت أمريكا باستدعاء قواتها من أوروبا وسحبت أكبر حاملة للطائرات في العالم من موقعها في أوروبا إلى شرق المتوسط قريبًا من إسرائيل، ودعت أمريكا على لسان الرئيس بايدن شخصيًا ووزير خارجيته ووزير دفاعه ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جميعهم دعوا إلى حماية إسرائيل ودعمها، والوقوف بجانبها في حربها على الفلسطينيين، ثم يأتي وزير الخارجية ليطلق عبارته المزيفة عن رغبته في العمل سويًا من أجل عدم توسيع الأزمة؟! أي استغفال هذا وأي تجاهل لعقول البشر الذين يراقبون ويتابعون المشهد؟!

لم تكتفِ أمريكا لوحدها بدعم إسرائيل، بل انضم تحت جناحها كثير من دول العالم وعلى رأسها بريطانيا التي أحضرت البوارج البحرية إلى جوار حاملة الطائرات الأمريكية، وقامت بالطلعات المباشرة من البحر إلى غزة لمشاركة إسرائيل في قصف الفلسطينيين!! – كل هذا يحدث والعالم الإسلامي في سبات عميق تحت تأثير الإبرة المخدرة التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي !!!- وبالإضافة إلى تلك العبارة المزيفة، فإن مسؤولين كبار في الكونجرس الأمريكي صرحوا علنًا بأن الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين هي حرب دينية، ولا مجال للتراخي أو التخلي عن المشاركة فيها من قبل اليهود والمسيحيين..

هذه نواياهم ومخططاتهم وأهدافهم يعلنونها أمام العالم بكل جرأة، في حين لو تجرأ أي مسؤول من المسلمين ووصف الحرب بأنها دينية لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتم التشنيع بذلك المسؤول واتهامه بالكراهية والعنصرية والتحزب الديني على حساب الإنسانية !!- إنها معايير الغرب الكاذبة التي تكيل بمكيالين عندما يكون أحد أطراف القضية مسلمًا، إنها مواقف الغرب المتلونة حسب الأهواء الشخصية والهويات العرقية والدينية، إنها أحكام الغرب الظالمة والتعسفية ضد كل من يختلف معهم دينيًا وعرقيًا، ولهذا يجب أن يدرك المسلمون بأن الله – جل وعلا – حسم طبيعة العلاقة بين عباده، فقال – جل وعلا -: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة: 120)

وقبل الختام، يقول وزير المالية الإسرائيلي: ( يجب الاعتراف بألم وبرأس محنٍ أننا فشلنا ) ثم يأتي بعض الإعلاميين العرب المتصهينين ليقولون بأن إسرائيل هي التي خططت لاستدراج المقاومة لبدء معركة طوفان الأقصى!! وصدق خلف بن هذال عندما قال: ( من دون صهيون بذتنا صهاينا ).

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *