الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

مجموعة العشرين.. بالأزمات تحيا وبها تموت – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

مجموعة العشرين.. بالأزمات تحيا وبها تموت – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

 

حين تأسّست مجموعة العشرين عام 1999 كان المحفّز الرئيس لتشكيلها محاولة تنسيق الجهود الدوليّة لمواجهة تبعات الأزمة الماليّة الآسيويّة آنذاك، وبعدها خفت صوت المجموعة تقريبًا لتستعيد بعض بريقها في أعقاب الأزمة الاقتصاديّة والماليّة العالميّة لعام 2007، حين تم ترقية قمّة مجموعة العشرين إلى مستوى رؤساء الدول – الحكومات، وكان أن عقدت المجموعة أول قمة لرؤساء دول مجموعة العشرين عام 2008 في واشنطن في أعقاب الأزمة الماليّة للرهن العقاري، على مستوى الحقائق والمعلومات تمثل دول مجموعة العشرين 85 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي و75 في المئة من التجارة العالميّة، ويمثل مجموع سكان دول مجموعة العشرين ثلثي سكان الكرة الأرضيّة، ولكن حجم التأثير العالمي لقرارات مجموعة العشرين لا يرقى إلى مستوى هذه الأرقام الضخمة.

وعلى هذا فقد كانت وما زالت اجتماعات وقمم مجموعة العشرين طيلة السنوات مظلّة توافق على الحد الأدنى من التنسيق الدولي في مجالات الحوكمة الاقتصاديّة العالميّة، ومعالجة تحديات الاستقرار المالي، والتوترات التجاريّة وما يتّصل بها، وصحيح القول إن مشكلات كبرى يعاني منها سكان الأرض لم تغب عن اجتماعات لجان وقمم العشرين مثل تغيّر المناخ، ومهدّدات الصّحة العامة، والأمن السيبراني، ولكنها ظلّت عناوين كبرى دون خطوات يلمسها سكان الكوكب، ومن ذلك هناك عجز بمجموعة العشرين عن الوفاء بالتزامات سابقة لها لتوفير 100 مليار دولار سنويّا لتمويل جهود الدول الأقل حظّا في الاقتصاد لمواجهة تغيّر المناخ.

ويعود السبب في ذلك جزئيّا إلى تراكم آثار التنافس الاقتصادي، والتوتّرات الجيوسياسيّة بين الدول الرئيسة الأعضاء في مجموعة العشرين، ناهيك عن الاستقطاب المتزايد في المشهد السياسي العالمي. على سبيل المثال حجم التناقضات بين رؤى وسياسات الولايات المتحدة والصين، وبين الصين والهند على الحدود، ثم كانت الحرب الروسيّة في أوكرانيا حالة تحدّ أمام مجموعة العشرين حالت دون التوصل إلى توافق في الآراء بشأن مختلف القضايا.

وتأتي اجتماعات مجموعة العشرين في الهند في مرحلة حساسة، إذ يرى بعض الخبراء أن الهند تحاول إرضاء الجميع، وتسجيل نجاحات كونها ترى نفسها تحقق سبقا استراتيجيا على الصين في قيادة الجنوب العالمي، لكن اجتماعات البريكس الأخيرة في جنوب أفريقيا توضّح بجلاء من الذي يتّخذ القرارات التي تجعل واشنطن تلتفّ حول نفسها.

نعم يبدو واضحا أن قواعد اللعبة الصينيّة تغيّرت متجاوزة غرور واشنطن، وطموحات نيودلهي، إذ تستنسخ بكين نجاحاتها في مبادرة “الرخاء المشترك والأمن التعاوني” من شرق آسيا، إلى القارة الأفريقيّة، وأعلنت المبادئ الكبرى صوب أفريقيا بحضور 50 دولة أفريقيّة لمنتدى السلام والأمن الصيني – الأفريقي الثالث (بكين في 29 أغسطس 2023).

ويبقى السؤال.. هل وُلِدت مجموعة العشرين لزمن مضى، أم أنها قرينة الأزمات ومعها تحيا، وبها سوف تموت؟

  • قال ومضى : في مجالس الشرفاء.. وجه الحقيقة لا يفقد بريقه.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *