سأكتب هذا اليوم عن جزء مهم من مركز بللسمر وهذا أراه واجباً على كل شخص أو كاتب ينتمي لمنطقته وعن بلادنا المحبوبة حفظها الله ورعاها . “وادي خُرَص” ( بضم الخاء وفتح الراء ) وادٍ يخترق جُزءٌ من الناحية الشمالية لبلاد بللسمر بعد رهو آل مداد منحدراً بإتجاه الشمال، وهو من اجمل الأودية إنسياباً وجغرافية حيث تتناثر على جنباته القرى الكبيرة والصغيرة مستفيدة من طبيعته الخلابة ماءً وخضرة وحقول زراعية تسقى بماء آباره وتسمى (السقا) وهي ماتميزه وحقول أخرى تلحق بالحقول الجبلية والبعيدة عنها وتسقى بمياه الامطار وتسمى (العثَّري) وعلى جانبيه وبالأخص الجانب الشرقي سلسلة من التضاريس الجبلية المتناسقة تضاريسياً حتى تصل إلى سهل وحدود وادي خارف ثم تكمل إتجاهها شمالاً وشرقاً ونزولاً بإنحدار الأودية المؤدية لوادي بيشة.
وادي خرص.. هذه التسمية لا اعلم سبباً حقيقياً لتسميته بهذا الاسم فكما هو معروف أن الأسماء لا تعلَّل إلا إذا كان هناك مايرتبط بها زماناً أو مكاناً ولكن قيل لي وأنا أرجح هذا القول “أنه من كثرة إنتاج الوادي للحبوب وبالذات البُرّ والذرة كان ( الخرَّاصة ) – وهي كلمة ولهجة محلية – بمعنى الذين يحسبون ويكيلون الحبوب من البلاد ( الحقول الزراعية ) لإخراج الزكاة حسب مقدارها؛ كان هولاء في بعض الاحيان لا يستطيعون إتمام خرصهم هذا لكثرة الحبوب بسبب جودة الأرض وغزارة الإنتاج مما يشكل عليهم خرْصه أي حصره من هنا جاءت التسمية.
وادي خرص.. هذا الوادي المُنْسَلُّ من بين الجبال كأنه ثعبان !.. تسكنه عدة فروع من قبيلة “بللسمر” من بني منبح الشام وبني قاعد.. فعلى بدايته ومن اعلاه من الجهة الجنوبية قرية “آل مداد” وهم من بني قاعد تليها قرية “آل لجم” إنحداراً بإتجاه الشمال وهم من بني قاعد ايضاً ( منهم أسرة سكنت في القرية التي تليها ) وهي قريتي الشامخة وأحد مساقط راسي قرية “آل مغوغي” وهي قرية منبحية يعود عمقها التاريخي وأصلها لقبيلة آل سريع في وادي “سدوان” المشهور. ثم تأتي القرية المميزة بتعدد فروعها من العشائر قرية “آل إسحاق” والتي يسكنها مجموعة مشتركة ومختلطة من بني منبح وبني قاعد ومن عدة عشائر ( آل مارد وال جبل وآل لجم ).
بعد ذلك تأتي قرية “العطف” ( عطف بن قرضان ) وهي ايضاً ترجع في فروعها وساكنيها إلى آل مارد وآل الصدر و آل لفيح. ثم “العُطفة” ويسكنها آل لفيح وآل الصدر ثم تتابع القرىً التابعة لآل لفيح “القرن” و “الجهيفة” و “الخرجة” وبينهم أسر من آل مارد وآل جبل . وفي نهاية هذا الوادي المهيب المتفرد والذي يلتقي مع اسفل وادي حوراء بخصائصه وميزاته نجِد “عطوف آل مارد وأسرة آل بخيت من آل جبل”.
إن هذا الوادي جمَع فئام من كل العشائر والبدود الأسمرية المنبحية – ( الأكثر تعداداً وقرىً ) من القاعدية – على جانبيه وهو واد له حماية وحصون يُحتمى بها في العصور القديمة ولا زالت شواهدها قائمة إلى الآن، وهذه اسماء “بعض” الحصون والاماكن في وادي خرص “حصن مانع وهناك من يسميه حصن مشاري وحصن مضحَّي وهناك من يسميه حصن مداوي “وتسمى هذين الحصنين ايضاً حصون آل مارد بالعطف الادنى والاقصى بأسفل وادي حوراء”. – حصن الذنوب بالقرن وحصن الجهيفة بالجهيفة بآل لفيح – حصن ال يوسف ( الحيد ) بالعطفة – حصن ابن سرور وحصن آل مذكر ( وقيل آل ريدان ) بعطف بن قرضان – ( ساحة وحوش ) آل علي بن معتق وساحة آل التوَم بآل اسحاق – حصن آل مغوغي بآل مغوغي – حصن آل دباء وحصن آل مغني بآل لجم وهناك مسميات آخرى. – حصن آل قاسم بآل مداد وهناك مسميات وحصون اخرى.
ويوجد في الوادي آثار هلالية تشمل بعض الآبار ( المضارب ) والعيون المشهورة منها ( عين الأزرق ) ويوجد بعض القصبات الحربية تشرف على إمتداد الوادي معظمها متهدمة ولازالت شواهدها موجودة . هذه الاماكن والحصون المذكورة هي على سبيل المثال لا الأهمية والحصر؛فالوادي ملئ بالحصون والمتاريس والقلاع والآثار الممتدة والمتناثرة على جوانبه وعلى قمم الجبال وسفوح هذا الوادي الملهم.
وللحق اقول.. ( ولو أن شهادتي فيه مجروحة كوني أحد ساكنيه وأحد مساقط رأسي ) فإن هذا الوادي المستقطِب لكل جوانب الحياة ؛ لو لم يكن ذا اهمية إستراتيجية لما توافد عليه العشائر والأسر للسكن والعيش فيه لجودة ارضه ووفرة مائه وخصوبة حقوله وجودة إنتاجه وبيئته. هذه معلومات عن “وادي خُرَص” هذا الجزء الغالي من بلادي “بلاد بللسمر” وإني لأرجو أن أكون قد أصبت ووُفقت فيما نقلت وكتبت.
– المصادر: الشيخ عقيدم علي بن الطاير، الشيخ د. عبدالله بن سرور، أ. عبدالله بن احمد بن ناصر، العميدم فايز حسن بن يوسف، أ. محمد بن سعد بن عوض، سعدعبدالله بن معتق.. تحياتي لكم والله يحفظكم.
التعليقات