تتحرك الصفائح الأرضية على عمق 10 كيلو مترات داخل الأرض وتنزلق على بعضها فتتكون الزلازل، تلك هي النظرية العلمية أو التفسير العلمي لها، وهي نظرة قاصرة لدى أولئك الذين لا يرون سوى أسباب الزلازل ونتائجها دون البحث في مسبباتها.
لا تتوقف نظرة المسلمين على تفسير علمي مجرد لهذا الحدث، إنما من خلال نظرة شمولية تتعلق بالجانب العقدي، فهم يؤمنون بأن لهذا الكون خالق ومدبر لا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن إلا بإذنه، والذي إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون.
النصوص من القرآن والسنة كثيرة في هذا الجانب لا يتسع المجال في مقال مقتضب كهذا الإحاطة بكليتها، ومن هذه النصوص قول الله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا (فاطر41)، وقوله تعالى: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم (الأنعام 67)، وقوله تعالى: وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ (لقمان 10).
وفي الأثر يُذكر أن الأرض تزلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، فقال: يا أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه، والذي نفسي بيده إن عادت لا أساكنكم فيها أبدًا.
الظواهر الطبيعية كالرياح والصواعق والبراكين والزلازل والخسف والفيضانات هي ظواهر ربانية ليس للطبيعة قوة في إحداثها، فالطبيعة لا تخلق نفسها ولا تؤثر بطبعها، وإنما هي القوة الإلهية التي تحكم هذه الظواهر بأمر الله يُرسلها على من يشاء من عباده رحمة بهم ورفعة لدرجاتهم، أو عذاباً لهم على كفرهم وطغيانهم وظلمهم وسوء صنيعهم.
تطالعنا الأخبار بين الفينة والأخرى بحدوث زلازل في الأوطان العربية والإسلامية يذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء، وعشرات الآلاف من المصابين والمشردين في أصقاع الأرض، يتداعى على أثرها حشد الجهود لدى المسلمين بالنجدة للمنكوبين من خلال الدعم المادي والإنساني للتقليل من تلك الفواجع وأهوالها امتثالاً لقول الله تعالى: إنما المؤمنون إخوة” وقوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى”، وقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً”؛ ذلك ما اعتاد عليه المسلمون عندما تحدث تلك الكوارث والمحن في شتى أنحاء المعمورة.
ختاماً: لكل حدث مُحدث ولكل أثر مُؤثر يتطلب من الأوطان قضيتين أولاها: الاستعداد لمواجهة هذه الكوارث بفعالية دون طلب المعونة من أحد من خلال انشاء هيئة عامة للكوارث لمواجهة تلك التحديات، وثانيها: استشعار عظمة الخالق بفعل أوامره واجتناب نواهيه فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبه، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
التعليقات