الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

المناشط السياحية بين الواقع والمأمول! – بقلم الكاتب أ. محمد احمد ال مخزوم

المناشط السياحية بين الواقع والمأمول! – بقلم الكاتب أ. محمد احمد ال مخزوم

 

كنت في زيارة استطلاعية للأردن بداية هذا الصيف ورأيت أفواجاً من السياح غير العرب بالآلاف تتقاطر على نوافذ المكاتب السياحية بالعاصمة عمان بهدف الحصول على تذاكر للذهاب والعودة للانتقال عبر الباصات السياحية إلى الأماكن الأثرية – البتراء تحديداً – والتي كانت على قائمة المواقع المستهدفة بالزيارة.

اللافت للنظر أنه بمجرد الوصول لتلك المواقع الأثرية التاريخية التي تعود للعهد الروماني والنبطي كانت نسبة الزائرين العرب تساوي الصفر حسبما ذكر لي أحد المسؤولين في شباك التذاكر، على الرغم من انخفاض قيمة التذكرة للزوار العرب التي لا تزيد عن دينار واحد في حين تبلغ 50 ديناراً للقادمين من غير العرب.

يبدو أن الأردن استطاعت استقطاب السائحين الأجانب للقدوم للسياحة عبر الاستثمار في المناشط الأثرية والتاريخية التي تلامس العقول، فلا تعجب إن رأيت أحدهم يمسك بالقلم والورقة ليرسم منظراً من الطبيعة تأثر بمشاهدته، أو ينقل نصاً مرسوماً على صخرة صماء أثرية تحوي خطوطاً ونقوشاً ورموزاً ليبحث لاحقاً في فك شفراتها، أو يمسك بغصن شجرة ليتفحص أوراقها وأغصانها ويأخذ لها صورة مقربة، أو يضع مسطرةً ليقيس أبعاد حجراً عليه رسومات صخرية أثرية قديمة.

نعود للبحث عن السياحة الداخلية في بلادنا ونقول يبدو أن بيننا وبين القوم عدداً من السنين الضوئية، فبلاد العالم أجمعت على أن السياحة هي أحد الركائز الهامة في الاقتصاد لزيادة الدخل القومي للرفع من مكانتها الاقتصادية، وهو ما جعل تلك الدول تبحث في كيفية استثمار كل مواردها لاستقطاب السائحين وتوفير أقصى درجات العناية والاهتمام بهم لنقل صورة أكثر شمولية للعالم عن التقدم السياحي وتشجيع الآخرين على زيارة بلدانهم.

مفهوم السياحة لدينا مختلف تماماً مع الأسف، فهو يركز في العموم على ما يتم إدراكه عبر التغذية البصرية في المنتزهات الخضراء والمياه الجارية والمتساقطة عبر الشلالات الموسمية، أو عبر مشاهدة الغابات التي يتناقص عددها كل عام نتيجة قلة الأمطار والاحتطاب الجائر، أو يدور حول التزود بالأطعمة والمشروبات والجلوس في المقاهي العصرية التي انتشرت في كل شارع وزاوية، أو التسوق في الصباح والمساء بالأسواق التجارية الكبرى، أو في حضور عدداً من الفعاليات والأنشطة عبر المسرح الغنائي الذي يستهدف شريحة محددة من المصطافين بالداخل دون غيرهم ويلبي تطلعاتهم.

نعود ونقول الشريحة الأكبر من المصطافين تتطلع إلى سياحة أكثر ثراءَ عبر قيام فرع وزارة السياحة في مناطق الاصطياف بجدولة المناشط السياحية وتنويعها لتلبية حاجاتهم من خلال، عقد دورات تربوية أو علمية، أو مناشط رياضية، أو مسابقات موسمية ثقافية، أو زيارات ميدانية للآثار والمناطق التاريخية وتعريف الزائرين بها عبر تفعيل الارشاد السياحي، حتى لا تذهب الاجازة الصيفية هدراً بلا فائدة تذكر.

إنَ السياحة بمفهومها الشامل يمكن أن تشكل مصدراً آخر للثروة بعد النفط مباشرةً إذا أردنا تنويع مصادر الدخل عبر استثمار كل ما لدينا من إمكانات بشرية ومادية، فلدينا التاريخ والجغرافيا والآثار والبحار والجبال الشاهقة والصحاري الشاسعة والأماكن المقدسة والأمن الوارف.

خاتمة القول: تضافر الجهود بين الجهات الرسمية التي تُعنى بالسياحة مطلب تقتضيه الضرورة، علاوةً على تشجيع رجال المال والأعمال بإنشاء ما يكفي من المقومات السياحية التي تدعم السياحة، واستقطاب الكفاءات من الشباب المؤهل للإرشاد السياحي بكل اللغات للنهوض بالسياحة بصورة أكثر احترافيه والاستفادة من بيوت الخبرة في كل بلاد الدنيا للوصول إلى 100 مليون زائر بحلول عام 2030م بمشيئة الله تعالى.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *