الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

الكيف! – محمد أحمد آل مخزوم

الكيف! – محمد أحمد آل مخزوم

 

ذات مرة كنَا جلوساً بانتظار تناول طعام العشاء في إحدى المناسبات، ولم يكن لنا بُدٌ من أن يتحدث أحدنا للفائدة، فكانت الكلمة لذلك الشيخ الذي تبدو عليه علامات المهابة والوقار، وبدلاً من انفراده بالحديث كما جرت العادة بالمواعظ في مثل هذه المناسبات، تحدث على الحاضرين بالمجلس كعادة المعلمين مع طلابهم وطرح جملة من التساؤلات معظمها حول الكيفية ( السؤال بالكيف ) وقد كان يهدف لمشاركة الآخرين ليطرد عنهم الملل ويمنع السآمة.

كان من جملة تلك المناقشات سؤاله عن الكيفية التي يتصرف بها أحدنا عندما تصطدم به سيارة من الخلف ليدلي كلٌ منَا بدلوه كما يراه من وجهة نظره؛ الذي يدعو للعجب التفاوت في إجابات الحاضرين على هذا التساؤل، فقد تنوعت إجابات الحاضرين وتعددت بحسب المفاهيم التربوية التي يمتلكونها، وأكثرها تدور حول الآتي: السب والشتم، استخدام اليد والعنف، العفو والتنازل، الاتصال بالمرور، المطالبة المالية، رفع دعوى قضائية، حضور وتقدير نجم، ومنهم من لا يدري كيف يتصرف ؟.

بعد ذلك توالت تلك التساؤلات لشحذ الهمة في البحث عن إجابات معينة دون الوصول لهدف محدد، اللافت للنظر أن تلك النقاشات كشفت عن أزمة تعليمية وتربوية لم تفلح في معالجتها مقررات التربية في المدارس، ولا المواعظ على منابر المساجد في الخطبة الأسبوعية، ولا حضور المناسبات الاجتماعية، ولا – الاعلام بكافة قنواته المتعددة، كونها لم تستطع توجيه أفراد المجتمع نحو هدف أو إجابة محددة تكون هي كلمة الفصل التي لا تقبل الجدل في كافة قضايانا الحياتية المختلفة.

يبدو أن لدينا أزمات عديدة في المجال التربوي، يقع فيها العتب على مؤسساتنا التربوية في المدارس، باعتبار المدرسة هي المكان الذي يتلقى فيه الناشئة كافة المفاهيم الحياتية، لكي يكون باستطاعتهم درء المخاطر عندما يتعرضون لها على مستوى السلامة الفكرية والبدنية، أو مستوى الحياة المعيشية، أو المستوى الأسري والعائلي، أو مستوى القوانين والأنظمة، أو في طريقة تعاملهم مع كافة أفراد المجتمع على الصعيد المحلي أو العالمي.

المؤسف أن معظم أفراد المجتمع من فئة الناشئة يتأثر ولا يؤثر، يقبل الانقياد دون القيادة، يسهل اصطياده، تأثر كثيراً خلال العقود التي مضت بمجتمع الصحوة دون أن يكون لديه ردة فعل لقبول ما ينفعه وترك ما يضره، فظهر الانحراف الفكري والتطرف الذي قاد لاحقاً إلى تكفير المجتمع الإسلامي وظهور الاتباع والقادة، فالصواب ما يراه القائد دون أدنى معيار للتفكير.

وأيضاً يتجلى ذلك حاضراً في التغريب الذي يبدو ظاهراً على ملامح فئة المراهقين في الهيئة، والحركة، والمأكل، والملبس، بل حتى في طريقة الحديث واللغة، ما يؤكد بأن لدينا أزمة في الهوية كنتيجة حتمية لقصور في الجوانب التربوية.

خاتمة القول: مؤسساتنا التعليمية يقع على كاهلها قضية التربية المجتمعية، ويكفي أن تطرح ثم تجيب عن الآتي: أي مجتمع يجب أن نكون؟ وكيف نصنع مجتمع لديه الاعتزاز بالهوية الوطنية والقيم والأخلاق؟ وما هي الطرق والوسائل الواجب اتخاذها لتحقيق تلك الغايات النبيلة والأهداف المرجوة ؟. 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *