اطلعت على منشور أو قصاصة في جريدة ورقية صدرت قبل 39 عام، أي ما يقارب أربعة عقود، خلال يوم المهنة الذي كان ينعقد كل عام بجامعة الملك عبدالعزيز، بهدف التقاء رجال الأعمال بطلاب الجامعات آنذاك، ويهدف لتوفير فرصة عمل للطلاب الخريجين، فوقع نظري على مقال يحدد نسبة أعضاء هيئة التدريس الوطنيين في الجامعات، فقد بلغت النسبة 45% تقريباً مقابل نسبة أعضاء هيئة التدريس الوافدين العاملين بالجامعات الحكومية البالغ عددها (7) جامعات في تلك الحقبة.
في ذات السياق، كشفت دراسة حديثة أن نسبة أعضاء هيئة التدريس الوطنيين في الوقت الحاضر بلغت 50% مقابل أعضاء هيئة التدريس الوافدين، فقد تغيرت النسبة بزيادة قدرها 5% إيجاباً خلال تلك العقود الأربعة، وهذا يعني عدم وجود تغير له دلالة إحصائية معتبرة ذات قيمة، فلا نزال أيضاً نستورد المعرفة عوضاً عن تصديرها، ما يطرح جملة من التساؤلات :
– ما العوائق التي حالت دون تحقيق نسبة التوطين 100% طوال هذه العقود ؟
– وماذا استفاد الوطن من الأعداد الهائلة من الخريجين من برامج الابتعاث ؟
– وماهي الاختصاصات النادرة التي عجز عنها أبناء الوطن المبتعثين لسد الاحتياج ؟
بالاطلاع على ما يتم انفاقه على برامج الابتعاث من رسوم دراسية مليارية، والأعداد الهائلة من الخريجين العائدين من برامج الابتعاث، والذي يقترن بعدم وجود فرص وظيفية لكافة أولئك الخريجين، كل ذلك يشي بوجود خلل واضح ناتج عن قصور في جوانب التخطيط والتنسيق عبر رصد حركة الاحتياج بالجامعات، والخلل أيضاً في معالجة جوانب القصور عندما يتدنى مستوى التوظيف لدى الجامعات من أعضاء هيئة التدريس الوطنيين كل عام.
بعض البلدان من حولنا أو من دول الجوار العربي تحديداً ( مصر، الأردن، السودان، اليمن، سوريا، تونس ) ليس لديها من الموارد الاقتصادية ما يكفي، ومعظم اقتصادها قائم على السياحة، أو تصدير بعض المنتجات الزراعية، أو عن طريق المعونات الدولية. اللافت للنظر أن هذه الدول سابقة الذكر أصبح لديها ما يكفي من أعضاء هيئة التدريس اللازمة لسد احتياجها في الداخل، والفائض عن الحاجة ينتقل بالندب لدول الجوار للعمل بالتدريس بالجامعات، يشغل معظم هؤلاء نسبة 50% المتبقية للتدريس والعمل في جامعاتنا الحكومية المحلية.
ما أود قوله، الإنسان أغلى ما نملك في هذا الوطن المعطاء، والتنمية البشرية هي السبيل الوحيد للرقي بهذا الإنسان، ولسنا بأقل من غيرنا من دول الجوار في بناء الثروة البشرية وتأهيلها وتوفير فرصة العمل التي تناسب تلك الثروة، لسد الاحتياج أولاً، وتوطين العمل ثانياً، وترسيخ مبدأ المواطنة الحقة ثالثاُ، حتى يأتي اليوم الذي نفخر فيه بالاكتفاء الذاتي من هؤلاء الأعضاء الوطنيين ثم لنقل وتصدير المعرفة لدول الجوار مرة أخرى.
التعليقات