التربية عبارة عن سلوك وممارسة تصدر من شخص بالقول أو الفعل، يظهر أثرها واضحاً جلياً على الشخص ذاته، أو أشخاص آخرين، أو البيئة، ويُشاد بهذا السلوك ويُثنى على صاحبه إذا كان السلوك إيجابياً، ويُلام ويُعاتب إذا كان السلوك سلبياً، فالجهة التي تُعنى بالتربية هي وزارة التعليم، والاختلاف في المسمى “التربية، المعارف، التربية والتعليم” لا تُغير من المعنى الحقيقي للتربية شيئاً مالم يقترن المُسمى بالفعل والتطبيق.
مصدر التربية التي عرفناها بمفهومها الشامل كانت من خلال معلومات نظرية بعيدة عن الجانب التطبيقي في مدارسنا، أو عبر المفاهيم التي غُرست في أذهان أفراد الأسرة بناءً على السلوك المتوارث عن الآباء السابقين، أو المجتمع الذي هو نتاج تلك الأسر المختلفة، أو عبر الإعلام والوسائط المتعددة التي تعدَّت الحدود وعبرت القارات للوصول للمتلقي بكل ما فيها من قيم وسلوكيات، لنتساءل: من أين تبدأ التربية وأين تنتهي؟ وكيف نصنع جيل لديه السلوكيات الإيجابية التربوية في كل مناحي الحياة ؟.
عندما يريد أحد الباحثين نشر ورقة استطلاع من خلال استبيان حول قضية مُحددة يجد بوناً شاسعاً في النتائج بين مؤيد ومعارض وتفاوت هائل بين الأفراد المستهدفين بتلك الورقة، يتجلى ذلك عندما تشاهد التعليقات على مواقع التواصل عبر اليوتيوب أو التويتر وغيرها من الوسائل، وتعجب مندهشاً من تلك الردود ومستوى الجهل الدال على خلل تربوي فادح لم تستطع الأسرة أو المجتمع معالجته، ولا حتى مؤسسات المجتمع المدني في المدرسة والاعلام والمنبر.
تواجهنا في الحياة قضايا تربوية عديدة تستوجب التعامل معها وفق سلوكيات إيجابية موحدة، فالوطن والدفاع عنه هو قضيتنا الكبرى التي لا ينبغي المساومة عليها مهما كانت المبررات، ومن القضايا التربوية الأخرى التي لا غنى عنها، اختيار الأصدقاء، والمحافظة على النظام العام، والدفاع عن النفس والمال والعرض، والقيم الإسلامية كالصدق والأمانة والتواضع والصبر والوفاء والتقدير…. الخ.
لا ينبغي تحميل الأسرة فوق طاقتها على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالتربية مسؤولية مشتركة بين المدرسة والإعلام والمنبر أولاً وثانياً وثالثاً، فالمدرسة هي البيئة التربوية التي يتلقى فيها الناشئة المفاهيم الأولى، فالعقل الفارغ يحتله الأسبق إليه، والمعلومات التي تصل إلى ذهن الطالب في صغره هي التي تبقى معه يمارسها على شكل سلوك تربوي حسن أو قبيح طوال حياته.
ختاماً: الرسالة موجهه لوزارة التعليم الموقرة بإيلاء الجوانب التربوية النصيب الأكبر في المدارس، وتأليف المقررات التي تستهدف قضية التربية، والتركيز على المناشط المدرسية خارج المقرر المدرسي كالمسرح والكشافة والزيارات الميدانية والأعمال التطوعية والنوادي الرياضية والمحاضرات والندوات المسائية والمسابقات الثقافية، وهو ما سيؤدي إلى وحدة الهدف والرؤية والمنهج الذي تكتسبه الناشئة ليصبح جزءاً من السلوكيات التربوية التي تتناقلها الأجيال لاحقاً داخل الأسرة والمجتمع بمشيئة الله تعالى.
التعليقات