أدركت بلادنا حرسها الله منذ زمن بعيد أن العلم هو طريق النهضة، وقد كان العلم هو الهدف الأسمى الذي سعى إلى تحقيقه الملك المؤسس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – بدءاً بالكتاتيب مروراً بالمدارس وانتهاءً بالجامعات.
لن ننسى تلك الحقبة التي عايشناها في تسعينيات القرن الماضي الهجرية والدعم اللامحدود لطلاب العلم في عموم المدارس على امتداد وطننا الشامخ رغم صعوبة المواصلات للوصول للقرى والهجر البعيدة، ومع تلك الصعوبات فقد كان الطالب يحظى بتوفير وسيلة النقل، والوجبة المدرسية، والزي الرياضي الكامل، ومع قلة الإمكانات فقد كان التعليم هو المحور الأول الذي يلقى الدعم الأكبر آنذاك أكثر من غيره.
في هذا العصر الزاهر الذي تشهده بلادنا أضحى التعليم يأخذ منحىً آخر من خلال برامج الابتعاث اللامحدودة في كافة التخصصات لكل دول العالم المتقدمة، واستحداث برنامج موهبة الذي ترعاه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والابداع، للكشف عن الموهوبين مبكراً ورعايتهم ودعمهم علمياً وثقافياً للوصول بهم للعالمية لتحقيق منجزات علمية عبر مشاريع وأبحاث يمكن الاستفادة منها لاحقاً لدى مؤسسات البحث العلمي العالمية لنفع البشرية في كافة المجالات.
في ذات السياق، لا تزال بشائر الخير تتوالى وتتنامى مشاعر الفرح والشعور بالفخر لأبناء هذا الوطن حكومة وشعباً بتتويج شبابنا هذا العام بالفوز بعدد 27 جائزة في معرض آيسف الدولي للعلوم والهندسة في مشهد غير مسبوق، ما يدل على الجهودة الجبَّارة التي تبذل من قبل الجهات الراعية للموهوبين بدءاً من الأسرة ودورها في التربية والتشجيع والدعم، مروراً بالمدرسة والادارات التعليمية التي لا تألوا جهداً في الكشف عن الموهوبين وتدريبهم ورعايتهم، وانتهاءً بمنصة موهبة التي تحتضنهم للوصول العالمية، ترافق هذا مع الحدث العظيم للمرة الثانية في الصعود للفضاء عبر رائدا الفضاء السعوديان، والذي نأمل أن يأتي اليوم الذي تنطلق فيه تلك المركبة الفضائية بروادها من هذا الوطن الشامخ.
شبابنا الطموح في مراحل التعليم العام الذين لديهم شغف القيام بالمشروعات والأبحاث العلمية الذين يأنسون بأن لديهم الكفاءة والقدرة لتحقيق أحلامهم وتنفيذ مشروعاتهم، فقد أتاحت موهبة عبر منصتها تسجيل بيانات الباحث، والتعريف بالمشروع، والهدف منه، وكيفية تنفيذه، لعرضه على لجان الفرز والاختبار المبدئي لكي يتم اعتماده ودعمه للدخول في المسابقات والمنافسات الدولية التي تُجرى كل عام.
ختاماً: الموهوبون هم علماء المستقبل لا ينبغي بحال التخلي عنهم بدمجهم في المجتمع كحال غيرهم في وظائف بعيدة عن مجال قدراتهم وتميزهم، فهم طليعة للشباب الموهوب الآتي بعدهم، وهم النواة التي يُبنى عليها لاحقاً كل مشروعات التقدم العلمي في هذا الوطن، والمقترح انتظامهم في مؤسسة تحت مسمى “علماء المستقبل” تحتضنهم وتوفر لهم كامل الدعم اللازم لإكمال مسيرتهم الدراسية من خلال ابتعاثهم، ليعودوا لاحقاً بما لديهم من معارف ومهارات للاندماج والعمل عبر تلك المؤسسة لنقل الخبرات لمن أتى بعدهم من الموهوبين.
التعليقات