عندما توقف علماء الإسلام عن الاجتهاد اعتماداً على دواوين السلف رضوان الله عليهم أجمعين معتمدين النقل ومصادرين العقل، ومع كثرة التغيرات التي طرأت في هذا العصر في المجالات الطبية والاقتصادية والاجتماعية لم يظهر من يتصدى بالتحقيق من علماء المسلمين فرادى أو جماعات لتلك القضايا بكلمة الفصل التي لا تقبل التأويل رغم أن الفتوى تتغير بتغير حوادث الزمان وصوارفه على الدوام.
الصراع الديني بين الطوائف والمذاهب في الوقت الحاضر كان من نتائجه الكراهية والعنصرية والاقتتال والالحاد، ناهيك عن ظهور ما يسمى فوبيا الإسلام أو إرهاب الإسلام لدى غير المسلمين ونظرتهم للدين الإسلامي من خلال مشاهدتهم سلوكيات أفراد الجيل المتطرف الذين أسهموا بفكرهم السقيم في عزوف غير المسلمين عن الدخول في دين الإسلام.
معظم القضايا محل الخلاف بحاجة لوحدة الكلمة بين العلماء لمنع الازدواجية في الفتاوى والحد من ظهور الأغرار وأنصاف المتعلمين الذين تصدوا لقضايا دينية ليست من اختصاصهم، ظهرت تلك السلوكيات والفتاوى عندما غابت المرجعية الإسلامية الحقيقية التي تجمع الصف وفق الدليل، دون أن تدع مجالاً للعامة للخوض في القضايا الفقهية عبر المنابر الإعلامية التي أدت إلى كثرة الخلاف والفوضى في كل مناحي الحياة.
لسنا بحاجة إلى نشوء مذهب خامس جديد يزيد من تفرق الأمة فوق فرقتها، فقد كانت المذاهب الأربعة سبباً في الخلاف الذي أزرى بأمة الاسلام إلى ما نشهده اليوم على الساحة، فالأمة في هذا الوقت تتطلع إلى وحدة الكلمة، ورأب الصدع، وتوحيد الجهود، ونبذ الخلاف، وهذا لن يتصدى له سوى المجموع من علماء الأمة الراسخين في العلم كلٌ في مجال اختصاصه.
خلاصة القول: إنَّ إحياء ظاهرة الاجتهاد في الأمة مطلب تقتضيه الضرورة، فلدينا العدد الكافي من العلماء المختصين، كما لدينا العدة (التقنيات الحديثة) التي يمكن لها المساهمة في قضية التجديد والتسريع بها، من خلال تنقية التراث الإسلامي من عوالق الاجتهاد والتفسير القرآني الذي يخالف الدليل، للوصول إلى تأليف موسوعات قرآنية وفقهية وعقائدية وحديثية توحد صف المسلمين وتجمع شتاتهم في كل أصقاع الأرض من كل الملل والفرق والطوائف والمذاهب المعاصرة.
التعليقات