أدت الزيادة في عدد الطلاب الخريجين من المرحلة الثانوية والرغبة في إكمال مسيرتهم التعليمية إلى التوسع بفتح المزيد من الجامعات، إلا أن تكرار التخصصات في معظم الجامعات قاد الخريجين لاحقاً نحو المزيد من البطالة، ناهيك عن المقررات الدراسية التي لم تتغير طوال عقود من الزمن رغم المستجدات التي طرأت على الساحة الدولية في وسائل وطرائق المعرفة بشكل متسارع، تستوجب من المسؤول مواكبتها على الدوام وعدم الثبات والتحول السريع لإحداث التغيير المأمول.
يكتنف هذا التفاوت في المقررات الدراسية بين الجامعات مشكلات عديدة لعل أبرزها، الهدر المالي للجامعات والزمني للطالب في حال رغبة الأخير الانتقال إلى جامعة أخرى لإكمال دراسته، إذ يترتب على هذا الانتقال حرمان الطالب من عدد من المقررات الدراسية لعدم إمكانية معادلتها مع المواد الأخرى، إما لاختلاف المسمى للمادة، أو لاختلاف عدد الساعات المكتسبة.
اللافت للنظر أن موضوع المقررات الدراسية بالجامعات ينتقل إلى أبعد من عدد ساعات المقرر المعتمدة، كون محتوى المقرر يخضع في الغالب لاجتهادات عضو هيئة التدريس وفق قناعات ذاتية، لا أبالغ إن قلت أنَ بعض خريجي الجامعات في الوقت الحاضر لا يحسنون القراءة والكتابة، ولا حتى التخصص الذي يحملون مؤهلاته، وهو ما يجعل المقررات الدراسية تصل أحياناً إلى حد الصعوبة التي تفوق قدرة الطلاب على الاستيعاب، وأحياناً أخرى نحو السهولة باعتماد الملخصات والملازم والمذكرات التي لا تفي بالغرض المقصود.
قضية أخرى ربما تغيب عن نظر المسؤول تتعلق بالجهات الوظيفية للخريجين، إذ يوجد لدى هذه الجهات معايير في التوظيف وفق مقاييس تأخذها بالحسبان، منها حجم الجامعة بعدد التخصصات، والأقدمية في التأسيس، وترتيب الجامعة على المستوى المحلي والعالمي من حيث جودة التعليم، إضافة لدور الدعاية والاعلان المرسلة عبر الجامعات بهدف توظيف خريجيها لدى جهات التوظيف.
ما أود قوله، رسالة للتعليم والجامعات بإعادة النظر حول المقررات الدراسية من حيث توحيد مسمى المقررات والمواد، والساعات الدراسية المعتمدة لجميع التخصصات على مستوى الجامعات كافة، على أن يعقب ذلك اعتماد مراجع موحدة لكل مقرر دراسي أسوةً بالتعليم العام، للوصول بالتعليم الجامعي إلى المستوى المأمول الذي يستشرف المستقبل، ويحقق الرؤية الطموحة المتصلة بغدٍ مشرق، نحو تعليم متوازن يواكب العصر الحديث، ويكون أكثر جودةً وتطوراً بمشيئة الله تعالى.
التعليقات