في واقعنا المعاصر تُشكَل اللجان تلو اللجان لحل مشكلة أو قضية محددة، سواءً كانت شخصية، أو مؤسسية، أو حتى على مستوى الدوائر الحكومية، ويتم تبادل وجهات النظر وطرح الحلول بمجهودات فردية، قد تكون كلمة الفصل فيها لدى أحد أطرافها، لمكانته الشخصية، أو لقيمته الاعتبارية، أو كان لديه الفصاحة والبيان وقوة الحجة لإقناع أفراد اللجنة بوجهة نظره التي تنبعث من قناعته الذاتية.
قد يُبنى على هذه المشورة اتخاذ قرارات مصيرية في قضايا إدارية، أو قضايا اجتماعية، أو مشروعات خدمية، قد تُنفق فيها الملايين أو حتى المليارات، لنكتشف في نهاية المطاف أن هذا المشروع قد تعثر، أو ظهرت عيوبه، أو انعدمت جدواه الاقتصادية، عندما كانت وجهة النظر الذاتية هي كلمة الفصل في اتخاذ القرار دون الأخذ بنتائج البحث العلمي.
يتساءل أحدنا عندما يشاهد موقف محدد، أو يرى مشروعاً متعثراً، أو طريقاً متعرجاً، بقوله “المفروض تصميم المشروع بهذه الكيفية، أو هذا الطريق بهذا الاتجاه” تلك الفرضية هي وقود البحث العلمي، والتي يُبنى عليها طرح التساؤلات والاجابة عليها من خلال، جمع المعلومات، وتحليل البيانات، وتفسير النتائج، دون تدخل الباحث في نتائج الفرضية.
نعود ونقول! حيث ما وجدت الصناعة في شتى المجالات، أو التقدم التكنولوجي في الحاسوب، والهندسة، والطب، وعلوم الفضاء، والضوء، والمغناطيسية، والكهرباء، بل حتى في القضايا الاجتماعية والبيئية، فإنك تجد البحث العلمي كان قاعدتها، والذي تُبنى عليه كل التصورات للوصول للأهداف وتحقيق النتائج.
ومع أن الدول الصناعية الكبرى توصف بالدول المتقدمة، ويوصف عالمنا العربي بالدول النامية، فلا سبيل للوصول إلى مصاف تلك الدول إلا بالإنفاق على البحث العلمي بسخاء، واستقطاب الكفاءات وبيوت الخبرة العالمية للاستفادة من إمكاناتها، والبحث في كيفية النهوض واعتلاء القمة بدراسة مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية وسائر المشكلات الأخرى التي تعوق مسيرتنا التنموية.
ختاماً: لدينا من القضايا والمشكلات ما سيكون ميداناً خصباً للبحث، سواءً في القضايا الفكرية المتطرفة كالإرهاب والإلحاد، أو الاجتماعية كالطلاق والخلع والفسخ والعزوف عن الزواج، أو العدوانية كالتهديد والتنمر، أو النفسية كالخوف الاجتماعي والقلق، أو قضايا الفساد كالرشوة والسرقة والاختلاس، أو غيرها من القضايا والمشكلات الأخرى، وهو ما يدعونا بالضرورة إلى المسارعة في تفعيل مركز البحث العلمي ليتصدر المشهد في كافة قضايانا المعاصرة للوصول إلى الحلول الصحيحة والأهداف المرجوة.
التعليقات