الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

صديقي “الشرهان” – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

صديقي “الشرهان” – بقلم الدكتور فايز عبدالله الشهري

 

يقول صاحبي لقد خسرتُ اليوم صديقي “شرهان”، ولكنّني – وهذا العجيب – لا أشعر بالندم بل زاح عن كاهلي حمل ثقيل. فقلتُ لعلّه لم يكن صديقا فعلاً، فكان ردّه أن “شرهان” جاءت صداقته إليه مع بوّابة الزمالة، وترسّخت مع طول مدة التواصل ومكانة أسرته، وإن لم تكتمل في هذه العلاقة كل شروط الصداقة. كان صاحبي يسرد حكايته مؤكّدا أنّه صبر طويلا على طبيعة شخصيّة “صديقه” “شرهان” الذي يرى أن من حقّه على معارفه (أصدقائه) أن يبادروه (هم) دائما بالسؤال عن الأحوال والاحتياجات، وأن يدعوه لكل مناسبة، ويساندوا كلّ خُططه، وأن تكون هواتفهم ومجالسهم مفتوحة كلّما رغب.

سألت صاحبي أليست هذه من لوازم الصداقة؟ أجاب صاحبي بأنّ هذا صحيح، ولكنّ “شرهان” لا يشارك أصحابه همومهم وأفراحهم، بل لا يهتمّ بمعرفة متغيّرات أخبارهم وأحوالهم. ويضيف هل تعلم أنني ألمحت ذات يوم عن هذه الخصلة المعيبة فيه، فأصبح بعدها في كل مرّة ألتقيه، أو أتواصل معه، يسألني أسئلة ميكانيكية باردة فتجده يسأل مثلا عن صحّة الوالدة التي توفيت (رحمها الله) قبل سنوات، أو عن أحوال الدراسة الثانوية مع ابني الذي تخرّج في الجامعة ويعمل منذ أعوام.

قلت لصاحبي يبدو أنك أصبحت حسّاسا أكثر مما ينبغي، هذه أمور لا تحكم العلاقات لأن بعض النّاس قليل التركيز، أو كثير النسيان. ضحك صاحبي وقال هل تعلم أن من أكبر مآخذه عليّ والتي يكرّرها دائما هو تقصيري في تقديم واجب العزاء له في وفاة خالة زوجته. وفي كل مرّة يردّدها أقول له إنني كنت وقتها أخضع لعمليّة جراحيّة حسّاسة خارج الوطن، ويكون الرد الآلي من “شرهان” ليس عن طبيعة مرضي، ونتائج عمليتي الجراحيّة بل عن خيبة أمله بأن لم أكن أول المشاركين في عزاء خالة زوجته.

قلت لصاحبي دعنا مما مضى وأخبرني ماذا حصل اليوم لتخسر “صديقك”.. ضحك صاحبي وقال بأنّ السبب هو “التشرّه” أيضا، إذ تواصلت معه بعد انقطاع إجباري فرضته ظروف مرضي فكانت أول جملة منه قبل رد السلام: (وينك يا القطوع)؟ فقلت له بكل أسف كنتُ أتابع علاجي فقاطعني بسرعة قائلا: لا تعتذر ولو كنت فعلا تراعي حقوق الصداقة كنت أنهيت ملف توظيف أخت زوجتي الذي أرسلته لك قبل شهر. يقول صاحبي وكان أن أفرغت ما في صدري وأسمعته كلاما قاسيا لم يسمعه منّي من قبل. وتوقّعت – يقول صاحبي – أن يعتذر أو يؤثر فيه كلامي، ولكنّه ردّ باستخفاف عجيب قائلا: “شكلك” اليوم “معصّب” سأتواصل معك لاحقا ثم ختم قائلا: المهم “لا تنسى” موضوع أخت “المدام” فأقفلت المكالمة في وجهه فوراً، مقرّرا بذلك أن أُغلق باب الصداقة الثقيلة معه.

  • قال ومضى: أعظم الصداقات تموت وتحيا بين الحقوق والواجبات..
  •  

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *