الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

تصريف! – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

تصريف!  – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

 

لم يكن علماء اللغة العربية لديهم علم بالتصريف إلا فيما له علاقة بالنحو والصرف، فأجادوا في عملهم حتى وصل إلينا هذا العلم على النحو الذي نعرفه، فالعربية حديثاً لم تعد لغة التواصل بين الشعوب، في ظل العولمة التي اجتاحت العالم بأسره، لتصبح كلمة الفصل للقوى الصناعية العظمى المهيمنة في كافة القرارات العالمية حتى في لغة التواصل.

ظهر حديثاً نوع من التصريف بمنظومة العمل، في ظل غياب الرقابة الحقيقية، كجزء من الفساد الإداري الذي تُعاني منه كافة المجتمعات العربية، فقد مرَت عقود من الزمن يُمارِس فيه الموظفون هذا النوع من التصريف على المراجعين، إمَا بالتأخير في الإنجاز، أو محاولة الابتزاز، أو البحث عن منفعة مادية أو دنيوية لدى المراجع نظير انجاز معاملته، فأصبحت مقولة -راجعنا بكرة -هي المقولة السائدة، ومسمى –الدوائر -منظومة يتناسب عملها مع حركة المراجع الذي يدور متنقلاً بين هذه الدوائر لإنهاء معاملته.

التصريف الآخر تحت الأرض يستهدف البنية التحتية للمدن لمعالجة تصريف مياه الأمطار، أو مياه الصرف الصحي، وما تشهده مدينة جدة بين الفينة والأخرى من تجمعات لمياه الأمطار التي تتشكل معها السيول لتجرف ما في طريقها يظهر أن قضية التصريف غير موجودة بالأساس، ناهيك عن وقوع مخططات سكنية في طريق السيل الذي يبدأ مساره من الجبال شرقاً وينتهي بالبحر غرباً، فلم تكن مقولة -طريق السيل للسيل -في فكر المسؤول ذلك الوقت.

ما أود قوله! أن الفساد الإداري والمالي توأمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، وقد كانت لدينا الفرصة عندما حدثت كارثة سيول جدة الأولى عام 2009م لتصحيح المسار، ومساءلة المقصرين ومحاسبتهم، مع وضع حلول جذرية لهذه المشكلة لإسكات الناقدين، ومنع أعداء الوطن بالخارج من الاستهداف الإعلامي لمنجزاتنا التي بدأت نحو تحقيق الرؤية 2030م بمشيئة الله تعالى.

خلاصة القول: جهود مكافحة الفساد في الوقت الحاضر مُخلصة وملموسة، وهو ما يجعل المواطن والجهات الرقابية الأخرى أمام مسؤولياتها بالإبلاغ عن جوانب القصور لمعالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها، حتى يأتي اليوم الذي نتخلص فيه تماماً من مشكلتي التصريف المائي في المدن، والتصريف الإداري في الدوائر.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *