يقع على عاتق وزارة التعليم في الوقت الحاضر كافة المسؤوليات بعد أن كانت وزارة التعليم العالي والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني تشاركانها في هذه المسؤولية حتى أضحت منفردة بحمل هذه الرسالة العظيمة.
عند إلقاء نظرة شاملة على التعليم بين الماضي والحاضر نجد أن التعليم قد خطا خطوات حثيثة نحو التطوير سيما في المرحلة الثانوية حتى وصل إلى نظام المسارات الذي يعتبر نقلة نوعية لاختيار التخصص المستقبلي مبكراً قبل خوض غمار الانتظام في الجامعة واكتساب مفاهيم ومعارف كفيلة بتفوقه لاحقاً ناهيك عن كون الطالب قد اختار ميوله الدراسية برغبته مقروناً باختبار تحديد المستوى الذي يحدد له المسار المناسب له وفق مهاراته التي يمتلكها.
لا يزال لدينا بعض الإشكالات في المراحل الدراسية الأخرى والتي تتطلب دراسة بحثية مستفيضة تقف على جوانب القصور ومعالجتها للوصول بالتعليم إلى أقصى درجات الرقي التي نصبوا إليها جميعاً؛ منها وجود استراتيجية التقويم المستمر في الصفوف الدنيا بالمرحلة الابتدائية، وقصور المعاهد التقنية عن استقطاب الخريجين من الكفاءة المتوسطة، والمكافآت التي يحظى بها الطلاب المنتظمين بالجامعة، والرسوم الدراسية العالية التي يتكبدها الراغبين بإكمال الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه.
بالنظر إلى سوق العمل لدينا الذي يكتظ بالعمالة الوافدة التي يفوق أعدادها (12) مليون والتي تعمل في كافة المهن بلا استثناء نجد أنه سوف يتسع لكافة الخريجين الذين لديهم الحد الأدنى من التعليم ويمتلكون المهارات الفنية والحرفية والمهنية وهو ما يضع وزارة التعليم حيال مسؤولياتها في هذا الشأن للمواءمة بين التعليم والعمل.
الحوافز المالية التي يحظى بها طلاب الجامعات والتي تصرف كمكافآت أسهمت منذ زمن بعيد في رغبة معظم الطلاب للانتظام بالجامعات والتي لم تجد لخريجيها لاحقاً وظائف تناسب تخصصاتهم ما أدى إلى الهدر المالي على التعليم وفوات الفرصة الوظيفية للطالب التي كانت ربما تلوح في الأفق بأقل التكاليف وبما يناسب مؤهلاتهم وإن كانت دون المستوى لو كان لدى التعليم خطة للمواءمة بين التعليم والتوظيف.
وعلى النقيض؛ ففي الوقت الذي تهدر فيه المليارات تصرف كمكافآت على طلاب الجامعات العاطلين لاحقاً، نجد أن الجامعات قد أقرت رسوماً دراسية عالية لا طائل من ورائها على طلاب الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه رغم حاجتها لكوادر وأعضاء هيئة تدريس وطنيين لسد الشاغر في كافة التخصصات.
ما أود قوله؛ أنه ليس من سبيل للرفع من مستوى التعليم لدينا سوى في إلغاء نظام التقويم المستمر بشكل نهائي والعودة إلى نظام التقويم بالدرجات للصفوف الدنيا بالمرحلة الابتدائية، فقد ثبت عدم جدواه وأسهم في ضعف المخرجات لدى الطلاب الذين عاصروا هذا النظام قبل أكثر من عقدين من الزمن، وفتح معاهد صناعية ثانوية في كل المحافظات تستقطب خريجي الكفاءة المتوسطة لسد العجز في المهن والحرف اليدوية، ورفع نسبة القبول في الجامعات للحد من قبول الطلاب غير المحدود، وتحويل مكافآت طلاب الجامعات لمصلحة طلاب الدراسات العليا أو الاكتفاء بالتعليم المجاني لكافة المراحل الدراسية للوصول إلى تعليم أكثر توازناً.
التعليقات