الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

ترميز التفاهة – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

ترميز التفاهة – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

 

عندما ظهرت وانتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بين الناس وجدوا من خلالها متنفسا أو نافذة يلجون منها للتعبير عن مكنونات أنفسهم ومشاركة مشاعرهم وأخبارهم واهتماماتهم وتطلعاتهم. مع الآخرين، وتزداد أهمية هذه الوسائل يوما تلو الآخر، لاسيما بعد التطور المطرد لهذه الوسائل، فمعظم الشباب والمراهقين وجزء كبير ممن خط الشيب مفارقهم لا يكاد يمر عليهم يوم واحد دون أن يلجوا لإحدى هذه الوسائل، إما لغرض الاستعراض والمشاهدة، أو لمعرفة آخر الأخبار، أو مشاركة فكرة، وربما يستخدمه البعض للتسلية وإضاعة الوقت.

كل ما ذكر لا اعتراض عليه فالحرية مكفولة للجميع، لكن أن يتحول هذا الأمر إلى نشر التفاهة وترميز التافهين والتافهات من أصحاب المحتوى الهابط فهذا أمر يجب الوقوف عنده، والحديث حوله، فمما يؤسف له تحول هذه الوسائل من خدمة الناس بالتواصل فيما بينهم وتبادل الأخبار والترفيه عن أنفسهم، أصبحت هذه الوسائل تعج بالتافهين والمحتوى الهابط الذي لا يراعي دينا ولا قيما رفيعة ولا عادات نبيلة، ومما يؤسف له أيضا الانفلات وراء أولئك التافهين والمواضيع الهابطة من قبل الكثير من الشباب والمراهقين، ومما يدعو إلى الحيرة والاستغراب، العمل على إشهار حسابات أولئك التافهين من خلال مشاركة تفاهاتهم، الاشتراك في صفحاتهم، كما أن ذلك يدعو إلى التساؤل عن هؤلاء المتابعين، ومدى وعيهم وقدرتهم على التمييز بين النافع والضار.

إن ما نشاهده من تأثر الكثير من الشباب والمراهقين بالكثير من المحتوى التافه لمشاهير التواصل الاجتماعي ليحتم علينا إعادة النظر في أدواتنا في التربية والتساؤل: هل فشلنا في غرس احترام القيم العليا والمحافظة على العادات النبيلة في الجيل الناشئ أم أن وقع هذه الوسائل أكبر من ذلك؟ وما السبيل للوقوف والحد من هذا الانفلات؟

بعد أن رأينا سوء تقدير الأحوال من خلال منح النجاح لمن لا يستحقون من أصحاب المحتوى الهابط والاعراض عن من يستحقون المتابعة والإشادة ومشاركة مواضيعهم من أصحاب الأعمال الجادة، والمسارعين لتقديم الخير والعون للآخرين وأصحاب الأيادي البيضاء والمتميزون في العلم والاختراع والرياضة والفنون، وسائر النشاطات التي تعود بالنفع والفائدة على الفرد والمجتمع. نجد تسابقا محموما ودعما غير مسبوق لأولئك التافهين مما جعلهم رموزا يصعدون على أكتاف الآخرين يتربحون من خلالهم ولو كان في سبيل ذلك الدهس على عنق الفضيلة والقيم الرفيعة.

لقد آن الأوان للوقوف والتصدي لاولئك الرعاع من البشر وإيقافهم عند حدودهم الضئيلة، وعدم التهاون في هذا الشأن، لذلك أطلب كما غيري من الغيورين على المحافظة على قيمنا ومجتمعنا نطالب من كافة الهيئات والمنظمات الحكومية ذات الصلة والشأن بهذا الأمر أن يبادروا إلى اتخاذ خطوات جادة لإيقاف هذا الإسفاف والعفن والأنفلات من أولئك الشراذم من البشر، ولديهم القدرة والإمكانيات والصلاحيات للتأثير في الوضع وتحجيم هذا الشر والحد من انتشاره.
ولا ننسى الإشادة بالخطوة المباركة لحكومتنا الرشيدة في التعامل مع إحدى تلك الوسائل، بعد تجاوزها للعمل المحترم والقفز على العادات والتقاليد الأصيلة لهذا البلد الطاهر، وما كان من تلك الوسيلة الا الإذعان والتجاوب مع الطلب الحكومي والمتطلبات المجتمعية حفاظا على عاداتنا وقيمنا.

جاء في الأثر .. إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

 

التعليقات

تعليق واحد على "ترميز التفاهة – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر"

  1. لافض فوك استاذ محمد على البيان الذي لامس ما نفوس الكثيرين منا .
    نعم كثر الاسفاف على حساب العفاف وما كان له أن يكثر لولا السكوت عنه من أصحاب الكلمة المؤثرة والقرار النافذ فإلى الله المشتكى .
    زدنا من ابداعاتك واهتماماتك الفذة .. وفقك الله وسددك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *