الأطفال في كل أعمالهم وشخبطاتهم يتسمون بالبراءة الصادقة الطفولية التي لا تكلف الوالدين وغيرهم من حاضري المشهد الطفولي البريء سوا الابتسام لتلك البراءة اللذيذة، التي يستمد منها أولئك الأطفال قوتهم التي تضعف أمامها النفوس وتستسلم في حضرتها القلوب. في زماننا هذا ظهرت علينا شخبطات طفولية من نوع آخر لكنها تختلف كما ونوعاً وتختلف عن شخبطات الأطفال البريئة، في كونها شخبطات غير برئية وأصحابها بالغون سناً، سفهاء فكراً، أشخاص مأزومين نفسيا وروحيا واجتماعيا، مأزومين من كل شيء يتعلق ببلادنا الغالية..
فلا تكاد تمر مناسبة داخلية أو خارجية، تكون بلادنا طرفاً فيها، وأحياناً لا يكون لنا في الموضوع ناقة ولا جمل، لكن أصحاب ذلك الفكر المأزوم لا يجدون ما يفرغون فيه حقدهم والإفصاح عن خبث سرائرهم إلا بإقحام وطننا في كل مشاكلهم، منطلقين من مواقف مستهلكة وشعارات صفراء أصبحت سامجة وغير مستساغة، وعفا عليها الزمن ولم تعد تتقبل من أحد.
نقرأ بين الفينة والأخرى بعض هذه الشخبطات الغير بريئة من أولئك القوم فما تكاد بلادنا الغالية تعلن عن تميز معين، أو تقدم في المؤشرات العالمية تتسارع ضربات قلوبهم وينشأ عن ذلك اضطرابا فكرياً لديهم يجعلهم خارج نطاق الزمن، فلم تعد تستوعب أدمغتهم الضئيلة تسارع الأحداث من حولهم فأصبحوا يهذون كيفما اتفق محاولين التنفيس عن مرارة أكبادهم وكمد قلوبهم بما يشاهدونه يتحقق على أرض الواقع..
وهم لا يزالون قابعين في جحورهم منذ عقود من الزمن. ولم يغن نباحهم وقعقعتهم لأنفسهم ولا لأسيادهم شيئاً، إلا مزيداً من الحزن والاضطراب. وتستمر شخبطاتهم السقيمة ويستمر معاها إحباطاتهم وألمهم، لأنه لم يعودوا يسمعوا سوى صدى أصواتهم. بلادنا ولله الحمد في هذا العهد الزاهر تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير محمد تخطو خطوات جبارة تسابق بها الزمن وتصرع بفرادتها مرارة كل حاسد وحاقد..
فنشاهد أولئك الشراذم يلهثون من هول الصدمة ويسعون في محاولة يائسة بائسة منهم لتشويه ما لا يمكنهم الوصول إليه أو التناغم معه، مستخدمين كل وسيلة تتاح لهم. إلا أن سهامهم ورماحهم تتكسر يوماً تلو الآخر لترتد إلي نحورهم محدثة لهم أشد الألم وأعمق الحزن. أن اللحاق بركب الحضارة والتقدم الذي حققت فيه بلادنا أعزها الله خطوات جبارة وتقدم مضطرد تعجز أفهامهم المحدودة عن إدراكها، وتحار عقولهم المضطربة عن فهمها.
ولا أعلم عن مدى معرفة أولئك الموتورين بأن قيادتنا وشعبنا العظيم والكثير من الأصدقاء المخلصين لا يأبهون لشخبطات أولئك المرضى، ولا يعيرونها أي اهتمام أو انتباه، فأصحاب الهمم العالية ذوو الأهداف الواضحة، لا يهمهم نعيق الغربان ولا نباح الكلاب. كل الأنظار متوجهة للعمل الجاد الموصل إلى تحقيق الأهداف واحداث النقلة النوعية والتحول الجبار الذي يقوم على الدراسة والتخطيط، وليبق أولئك المشخبطون في ضلالهم وسيأتي اليوم الذي ستتحول فيه أحلامهم وأمانيهم إلى كوابيس مرعبة تورق حياتهم على مدى الأيام والزمان.
نختم بقول حسان في أولئك القوم : ( لا عيب في القوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير )
التعليقات