الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

الشوفونيون الجدد – بقلم الكاتب أ. محمد عبداله بن شاهر

الشوفونيون الجدد – بقلم الكاتب أ. محمد عبداله بن شاهر

 

يعتبر إسماعيل بن حيدر بن الجنيد الصفوي، لاحقاً: أبو المظفر شاه إسماعيل الصفوي 1487م / 1524م مؤسس الفكر الصفوي والداعي له والقائم عليه اعتبارا من تاريخ تتويجه ملكاً على إيران، وإطلاق لقب أبو المظفر شاه ودخوله مدينة تبريز سنة 907هـ/1502م. وواجه مشكلة ترسيخ المذهب في نفوس الناس وتبيان حقيقته لهم مما دعاه إلى استحضار علماء الشيعة من جبل عامل بلبنان والتي أصبحت من السياسات الأساسية للحكومة في ذلك العهد من خلال مدهم بكل سبل الراحة والإغراءات على شكل أملاك وهدايا نقدية وعينية ، وتفويض كافة المهام القضائية في البلاد لهم ومنحوهم كافة السلطات والصلاحيات لتحقيق ذلك..

واستمر هذا الوضع حتى سقوط الحكم الصفوي على يد السلطان العثماني سليم الأول في 2 رجب عام 920 هـ الموافق 24 أغسطس 1514م الذي هزم الشاه إسماعيل الصفوي هزيمة نكراء، وفراره من أرض المعركة إلى أذربيجان، ووقوع الكثير من قادته في الأسر. في (14 من شهر رجب 920 هـ = 5 من سبتمبر 1514 هـ) دخل سليم الأول مدينة تبريز عاصمة الصفويين واستولى على أموال إسماعيل الصفوي وبعث بها إلى إستانبول، ثم قفل راجعا إلى بلاده، مكتفيا بهذا النصر، غير راغب في اقتفاء أثر إسماعيل الصفوي والتوغل في بلاده.

وعلى الرغم من هذا الانتصار إلا إن ذلك لم يقضي على الحكم الصفوي وظلت هناك تربصات من قبل كل منهما بالآخر إلا أنه لفداحة الخسارة التي لحقت بالصفويين حاول الشاه إسماعيل الصفوي أن يبرم صلحاً مع السلطان سليم الأول لكن محاولته لم تلق قبولاً لدى السلطان العثماني، وقد حاول السلطان سليم الأول غزو إيران لكن المنية سبقت إليه قبل تحقق ذلك، وهذا أطمع الشاه في محاولة رد الصاع للعثمانيين وجهز جيشه لغزو العثمانيين إلا أن المنية أيضاً وافته قبل أن يحقق غرضه. ويعتبر انتصار السلطان سليم الأول على الشاه عاملاً مهماً في تحجيم المد الصفوي وحصره في مناطقه في إيران .

من أشهر أعمال الشاه إسماعيل الصفوي:

• أضاف: أشهد ان عليا ولي الله، وحي على خير العمل إلى الاذان.
• عمل مجالس العزاء في عاشور ( الشعائر الحسينية )، بما فيها من عمل المقتل ( وهي عمل مسرحي تجسيدا لواقعه اللطم في كربلاء ) والتي يصاحبها اللطم والتطبيل وذلك لما فيه هذا اليوم من اثر عظيم على قلوب الشيعة، حيث استهوى قلوب الشيعة به.
• امر بطباعه شعارات تمجد علي واله على العملة الصفوية
• امر بتطوير قبور ومراقد بعض أئمة الشيعة الاثني عشر وبناء قبب عليها.
• جعل من قم أكبر مركز ديني للشيعة التي فيها مقام السيدة المعصومة.
• أصبح مرقد الإمام الرضا في مشهد مزارا يعج بالزوار الشيعة.
لذلك من هنا ليعلم كل شيعي أن ما غرس في عقولهم وأفئدتهم ما هي إلا خزعبلات وترهات من وضع الشاه إسماعيل الصفوي، ولا تمت إلى الدين بشيء من قريب ولا بعيد.

مما يؤسف له أن معظم الشيعة في العصور المتأخرة لا سيما بعد الثورة الخمينية عام 79م يعتنقون هذا الفكر، ليس عن قناعة أو قبول، إنما بالتبعية الجاهلة، مما جعل منهم شوفونيون غالون في التعصب لا يبصرون أحداً غيرهم، ولا يقبلون التعامل مع غيرهم، ويرون أن وطنهم أفضل الأوطان وأن معتقدهم أفضل المعتقدات. وهذا أوصلهم بالتالي إلى الحط من شأن الجماعات الأخرى المخالفة لهم في الاعتقاد، وتطور هذا التعصب حتى انتقل بهم من التعصب للدين إلى التعصب للوطن، مما أفقدهم الاثنين، فلا حافظوا على دينهم ولا نعموا باستقرار أوطانهم، واصبحوا بالتالي مطايا لبعض الوصوليون من أصحاب العمائم، الذين يروجون لهم الكذب والافتراء.

ومما لا شك فيه أن هناك فئات غير هؤلاء الشيعة قد يصدق في حق كثير منهم وصف الشوفونيون من أصحاب المذاهب الأخرى والوصوليون من خونة الأوطان، ويصدق ذلك في حق أذناب القاعدة وضلال داعش والكثير من منسوبي الفرق المختلفة التي اتخذت من العزف على وتر الإسلام مطية لهم لتحقيق مآربهم أو مآرب جهات أخرى منتفعة، والإسلام براء منهم ومما يعملون. ومما ساعد في بروز هذا الفكر المنحرف وانتشاره بين أولئك الناس هو افتقاد تلك الفترة وما تلاها لكثير من وسائل التواصل وضعف انتقال الأخبار وتلاقح المعارف بين البشر، وانحصار التوجيه بأصحاب العمائم والمنتفعين الذين غرسوا في أفئدة أولئك الاتباع كل شاذ ومختلق، وكذلك انتشار الجهل بين كثير من أولئك الاتباع مما سهل تشرب أفئدتهم وعقولهم ذلك الفكر المنحرف، فكان لهذه العوامل وغيرها كبير الأثر في علو صوت أولئك المرجفون مما كان له بعض الأثر في تحقق بعض مآربهم أو مآرب أسيادهم من المنتفعين والوصوليين وخونة الأوطان.

لكن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح بالإمكان توضيح ضلالات أولئك المعممين وتصحيح الكثير من المفاهيم والأفكار التي تشربتها عقول كثير من أولئك الأتباع، وهذا يؤذن بحول الله إلى تحجيم هذا المد المنحرف وإيصال الحقيقة الناصعة إلى أصحاب العقول والأفئدة السليمة، لاسيما وأن هناك من معتنقي هذا الفكر في البلاد العربية والإسلامية والتي نرجو أن يتبين لهم زيف ادعاءات أولئك المرجفون والوصوليون، ويعلموا أن استقرار أوطانهم يضمن لهم العيش الكريم والاستقرار والازدهار، وأن مواصلة الانجراف خلف تلك الأفكار والأوهام لن يزيدهم إلا الألم والحسرة… إذا لم تكن تعرف قيمة الوطن فاسأل من لا وطن له… قال تعالى: ” أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌۢ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَٰعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُۥ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَٰطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى ٱلْأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ ” 17 الرعد

الشوفونية : تعني المغالاة في التعصب للوطن أو المذهب أو الفئة، المصحوب بالكرة لما سواه، وقد جاءت هذه الكلمة من اسم نيكولاس شوفان الجندي الفرنسي الذي جرح عدة مرات في حروب الثورة الفرنسية وحروب نابليون ولكنه ظل أبداً يقاتل في سبيل مجد فرنسا ومجد نابليون.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *