الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

آثار صدمات التضخم في الغذاء – بقلم الكاتب أ. أحمد الشهري

آثار صدمات التضخم في الغذاء – بقلم الكاتب أ. أحمد الشهري

 

من أكثر الأهداف شهرة في التنمية المستدامة للأمم المتحدة، القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي، إلا أن العالم في 2020 خسر جزءا من مكاسبه السابقة في القضاء على الجوع بعد أن استقرت معدلات الجوع نسبيا، أي ما قبل جائحة كورونا، والأزمة العالمية الجديدة، الأزمة الروسية – الأوكرانية أحدثت صدمة جديدة للمستهلكين بمعدلات تضخم أكبر تضاف إلى الأسعار المرتفعة أصلا.

الأزمة الروسية – الأوكرانية لا تزال تدفع بمزيد من المصاعب إلى سوق الغذاء والطاقة، أوكرانيا وحدها تملك 10 في المائة من صادرات القمح عالميا و50 في المائة من زيت “دوار الشمس” وتشكل روسيا وأوكرانيا مجتمعة 30 في المائة من حجم القمح في الأسواق العالمية، كثير من الدول الأوروبية انكشفت على روسيا في الغاز والأسمدة وبعض المعادن..

وبما أن الغاز هو المدخل الأساسي في الإنتاج الصناعي لدى أوروبا، ارتفع التضخم إلى 7.5 في المائة وفي نهاية المطاف قد يؤدي إلى تراجع إنفاق المستهلكين، وهذا ما لا يريده البنك المركزي الأوروبي حتى لا تدخل أوروبا في ركود، ولا سيما أن أوروبا والعالم يعيشون تضخما منذ 2020 بسبب الضخ المالي الكثيف للهروب من شبح الركود الاقتصادي.

النمو الاقتصادي في أوروبا وفي معظم دول العالم لا يزال ضعيفا منذ العامين الماضيين، وقد يواجه العالم أزمة جديدة ناشئة تكمن في تعثر التعافي وتنامي تضخم أسعار الطاقة والغذاء لمستويات غير مسبوقة، ما سيؤثر في الدول الهشة اقتصاديا حول العالم ويؤدي إلى إضرابات اجتماعية من أجل غلاء المعيشة كما يحدث في سريلانكا حاليا.

الدول التي تمتلك نسبة من الحبوب التصديرية الأساسية والزيوت النباتية قد تتجه إلى تقييد عمليات التصدير خوفا من أي صدمات غذائية على أسواقها الداخلية، تشير بعض التقارير إلى أن إندونيسيا تقيد حركة تصدير زيت النخيل التي تعد من أكبر المنتجين، وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا الجزم إن كان بدافع استغلال زيادة الأسعار عالميا أو خوفا من صدمات غذائية محتملة.

أخيرا: إذا ما استمرت الضغوط التضخمية بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية وتداعياتها على الطاقة مع تباطؤ سلسلة الإمداد العالمية ورفع معدلات الفائدة بشكل مزدوج، فإن تداعياتها ستكون شديدة على الدول الفقيرة والهشة اقتصاديا وفي الوقت نفسه ستؤدي إلى ضغوط تضخمية، بسبب عدم القدرة على تخفيض التكاليف ومطالبات بأجور أعلى في الاقتصادات المتقدمة،

وإذا ما تم فرض مزيد من العقوبات على روسيا قد نشهد ارتفاعات أعلى للطاقة في أوروبا تؤدي إلى تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي الأوروبي وهنا سيدخل العالم في اضطرابات سلسلة القيمة العالمية GVC ومصدرها أوروبا، ما سيدفع الدول نحو إعادة تسعير صادراتها بأسعار مرتفعة أو تطبيق سياسات حمائية قسرية، لحماية الغذاء والسلع الأساسية مع تنافس وتلاعب مصطنع بأسعار الصرف، ولا سيما في الدول التي لا تملك رصيدا كافيا من النقد الأجنبي لمجابهة التضخم وارتفاع الفائدة.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *