الخميس ١٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ١٢ شوال ١٤٤٦ هـ

الحياة كلمة

الحياة كلمة

صحيفة النماص اليوم . ناصر عثمان آل عثمان

إنني أنظر بعينٍ مِلئها الحُزْن على تعامل بيوتنا مع الشباب والشابّات في هذه الحِقبة مِن الزمن , وكأننا لم نسمع ولم نقراء ولم يصل إلينا تعامل محمد صلى الله علية وسلم مع حقول الشباب, وأجساد النشاط, وعقول المستقبل, لقد كان للشباب في زمنه صلى الله عليه وسلم كلمة, ورأي, وقرار, وموضع قدمٍ حتى عِند الأكل والشُرب, كان يحترم صلى الله علية وسلم مكانتهم في مجلسه, أين هذه المكانة للشباب في مجالسنا ومنتدياتنا اليوم التي لا يُحترم فيها إلا كبير سِن أو صاحبُ جاه وأما ما دون ذلك من الشباب فليس له اعتبار؟!.

ننتقد عالم الغربِ وتربيتهم لأبنائهم وتفكك مجتمعاتهم, ولكنني أُقّدِرُ لهم واحترام تعاملهم مع الشباب من ناحية الثِقة ولو كنت أتحفظٌ على إفراطهم فيها, إن في عالم الغرب ومجتمعه أخلاقياتٌ حسنه لو أخذنا بِها لأنتجنا أجيالاً عملية, ولـ صَنَعّنَا عقولاً فتيه, خذ على السبيل مثالاً تربيتنا المنزلية, إنها قيوداً عنجهيه, منها ما يُحَرّمُ إبداء رأي الشّاب في مجلس والده, إلى اتخاذ قرارٍ من تلقاء نفسه, وصولاً إلى حُرّمةِ المجازفة التي قد يكون احتمال الخطأ فيها واردٌ بشكلٍ كبير, فينشأ الابن في بيوتنا صغيراً ويترعرعُ صغيراً ويشيبُ صغيرا, ما تعود على احتمال المسؤولية, ومع الزمن والتهميش يتعود على الإتكاليةِ , وتصّغُرُ نفسه في ذاتهِ حتى عند اتخاذ قراراته الشخصية, وهذه أصبحت وللأسف معضِلةٌ واقعيةٌ واجتماعيه.

يقولون لِماذا لا يسّمعُ الابن توجيهات أبيه وتوصياته , ولِماذا كَثُر العقوق في مجتمعاتنا اليوم, وأنا أقول كيف لِهذا الأبن أن يسمع لذلك الأب المتسلط وهو يحّرِم الابن حرية الرأي, ويُصادِرُ منه المشورة, ويحجب عنه الثِقة, ويجعله في المنزل كـ كبشٍ فِداءٍ يُسمّنه بالغِذاء فقط! أين إعطاء الثقة للأبناء, أين أصواتهم في مجالس الآراء! لا زالت وللأسف بيوتنا تعتقد أن مشاركة الابن للحديث في المجلس عيبٌ في حضور كِبار السِن, وهذا سببٌ في تخلف الأجيال وصِغَر عقولها, لماذا لا نعطي الشباب مساحةً شاسعة يخطئون فيها فنغفر لهم؟ حتى يكون لديهم في عالم الحياة تجارب, ولماذا إذا أخطأ أحدهم في تلك المجالس قتلناه نقداً حتى يهاب المجازفة والتجربة!؟ إن هذا التصرف هو ضربٌ من ضروب الجاهلية جُعِل تحت راية الأدب والتربية والأخلاق وهو بعيدٌ كل البعد عن هذه الراية التي تحفظ لكل سِنٍّ احترامه وتوقيره وحقوقه.

جلس عبدالله ابن عباس رضي الله عنه وهو لا يتجاوز الثانية عشر سنة من عمره عن يمين محمد صلى الله عليه وسلم في مجلسه وفي حضرة وجود كبار الصحابة ثم حضر قَدَح اللبن فاستأذن المصطفى ومعلم البشرية ابن العباس الصغير أن يشرب كبار الصحابة قبله, وقد كانوا عن يسار محمد صلى الله عليه وسلم, فلم يأذن ابن العباس واستأثر باللبن وهو أحق به, فأعطاه المصطفى الإناء أو القدح فشرب حتى روي ثم شرب مِن بعده كبار الصحابة, هذه تربية محمد صلى الله عليه وسلم مع الناشئة, وهذه أخلاقه وتصرفاته معهم وانظروا لِأدبه صلى الله عليه وسلم مع ذلك الشاب , ثم انظروا لتربيتنا مع شبابنا اليوم في مجالسنا وبيوتنا,,,انتهى.

خِتاماً,, الثِقةُ وقود الشهامة عند الشباب, وإشراكهم في الرأي والمشورة على الدوام يُحّيي في نفوسهم الرجولة وتحمل المسؤولية ويؤهلهم في المستقبل إلى تخطي كِبار الصِعاب, أرجوكم,,, اتركوا العنف معهم أعطوهم مساحةً في مجالسكم, اغفروا زلّاتهم, عودوهم على تحمل المسؤولية في شبابهم, ولا تكونوا سبباً في جعّلهم صِغاراً ثم صِغاراً ثم صِغارا, لأن أولئك الشباب المحرومين من دواعي الثِقة مؤهلين للعيادات النفسية والمستشفيات العقلية وستبقى أفكارهم طفوليةً مهما كَبُرت أجسادهم, وما ذلك إلا لأننا “قتلناهم بِأَيَّدِيَنَا”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *