الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

هواجس الغرامات والرسوم تطارد رواد الأعمال – بقلم الكاتب أ. بندر مغرم الشهري

هواجس الغرامات والرسوم تطارد رواد الأعمال – بقلم الكاتب أ. بندر مغرم الشهري

 

فيما تبذل الدولة جهودا كبيرة لتشجيع ريادة الأعمال، وحث الشباب السعودي على الانخراط في هذا المجال الذي يمثل أهمية بالغة لتطور الاقتصاد باستخدام الموارد الطبيعية المحلية وقدرته الفائقة على إيجاد فرص وظيفية متميزة، نجد أن بعض الجهات الحكومية التي لم تتخلص بعد من أساليب الروتين والبيروقراطية تتسبب بسياساتها التي لم تواكب المتغيرات التي يمر بها الوطن في إفشال تلك الجهود، وتنفير الشباب من العمل الحر وإعادتهم مرة أخرى لصفوف البطالة وانتظار الحصول على  وظيفة .

بدءا ينبغي الإشارة إلى أن معظم الدول ذات الاقتصادات المتطورة، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة استطاعت تحقيق مقدار كبير من النهضة والنماء بعد أن اعتمدت بشكل كبير على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. تلك الدول اتبعت سياسات تشجيعية موسعة لدعم تلك المؤسسات ومساعدتها على البقاء في السوق والاستمرار في المنافسة، ومنحتها كثيرا من الإعفاءات الضريبية والرسوم الحكومية، ومزايا تفضيلية أخرى.

هنا في المملكة سارت الدولة في نفس هذا الطريق، وأقرت سياسات مماثلة لتشجيع رواد الأعمال، مثل توفير التمويل عبر بنك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي أنشئ خلال الفترة الماضية، وتوفير دراسات الجدوى الاقتصادية عبر الغرف التجارية إضافة إلى فرص التدريب وبرامج الإدارة المالية وغير ذلك. كما بذلت جهودا ضخمة للقضاء على آفة التستر التجاري التي تتسبب في تضييق الفرص على الشباب وتحرمهم من فرصة المنافسة الشريفة.

لكن للأسف، فإن بعض الأجهزة الحكومية لم ترتق بمفاهيمها لهذا التوجه، ولم تستوعب الغايات النبيلة التي أقر لأجلها، فأتخذت العديد من الاجراءات المرهقة لاصحاب تلك المشاريع، مثل الغرامات الباهظة، إضافة إلى فرض رسوم مرتفعة لا قبل لهم باحتمالها عطفا على قلة مواردهم والتكاليف التي تكبدوها لتأسيس النشاط.

ومع التسليم بضرورة الانصياع للنظام، وعدم ارتكاب المخالفات حتى ولو كانت بسيطة، إلا أنه ينبغي في تلك الحالات تطبيق روح النظام وليس التقيد بحرفية النصوص، فالغرامات لم تشرع في الأساس للتشفي والانتقام، لكنها وسيلة لفرض الانضباط. حتى القانون يسمح في كثير من الحالات بعدم إيقاع الغرامات والاكتفاء بالتنبيه والإنذار.

وتزداد المعاناة وترتفع علامات التعجب إذا علمنا أن أصحاب كثير من تلك المشاريع يواجهون معاناة كبيرة حتى في حالة رغبتهم في الخروج من السوق وتقديم طلبات لإلغاء التراخيص والسجلات التجارية!!

ولمواكبة ما نادت به رؤية المملكة 2030 من القضاء على الروتين والتعقيد وتقليل الإجراءات ودمج العديد من الجهات الحكومية لاختصار المعاناة وتقليل الزمن، فإن المطلوب هو إحداث تغيير شامل في تلك الإجراءات، فإذا كانت الدولة تسعى لاجتذاب الاستثمار الأجنبي وتبذل جهودا مقدرة في هذا الشأن فإن شبابنا أولى بتلك المعاملة وأجدر بالنظر إليهم بعين الاعتبار.

الحل من وجهة نظري يكمن في اعادة النظر في مبلغ الرسوم والغرامات، خصوصا المتعلقة بالبلديات ومكاتب العمل، وتقليل وقت المراجعات الإدارية التي تستنزف كثيرا من الوقت وتحرم رواد الأعمال من الانصراف لتطوير أعمالهم،، وتفعيل الحماية التجارية التفضيلية، وزيادة مساحات الإعفاء من الضرائب، وخاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطه حتى يتسنى لوراد الاعمال تطوير  أعمالهم ومن ثم تكون لهم القدرة على الإيفاء بكل المتطلبات.

أما أن نلهب ظهورهم بسياط الرسوم والغرامات والمخالفات فذلك بمثابة الحكم على أعمالهم بالفشل المبكر، ودفعهم بطريقة غير مباشرة للخروج من السوق، وقتل روح الإبداع والحماس في دواخلهم، بل إن البعض يجد نفسه مضطرا لتجاوز الأنظمة ومخالفتها ان اراد الاستمرار .

تعتبر الرسوم والغرامات بوضعها الحالي ، بمثابة الحكم على اصحاب الاعمال الناشأة بالفشل المبكر، ودفعهم بطريقة غير مباشرة للخروج من السوق، وقتل روح الإبداع والحماس في دواخلهم، بل إن البعض قد يجد نفسه مضطرا لتجاوز الأنظمة ومخالفتها إن أراد الاستمرار.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *