أصدقاء المساجد أكثر قربا وأكثر مودة وأكثر صدقا وأكثر حنينا إن غبت افتقدوك وسألوا عنك، وواسوك في معاناتك بالدعاء وتفاعلوا معك وطيبوا خاطرك بالكلام الطيب وحسن الثناء، وهم الأكثر قربا في النفس بمشاعر جياشه وعواطف فياضة وابتسامة لا تغيب أبدا ولمَ لا، فأنت تقابلهم في اليوم والليلة خمس مرات تتنافسون على الصفوف الأولى، وهناك نماذج لا تملك إلا الدعاء لهم وتتمنى أن تكون مثلهم أو أفضل منهم في العبادة والطاعة، إذا تأخرت في الدخول الى المسجد التمسوا لك العذر وأوسعوا لك في المكان واطمأنوا عليك، هذا هو الحب في الله لم تجمعهم مصالح دنيوية أو علاقة عمل أو تبادل منافع، كل أحاديثهم عبادة وطاعة وتناصح وقراءة القرآن، وإن تطور الحديث لا يتعدى السؤال عن أحوالك وصحتك، وكما قال الشاعر خالد بن سلمان:
احذر رفيق المصلحة لا يباريــــك .. اللي يرى قدرك بحسبة ريالك
إن زان وقتك سار يتبع خطاويك .. وإن شان دور له رفيق بـدالك
أصدقاء العمل تبادل منافع والفوارق الوظيفية تفرض عليك النفاق الاجتماعي، والفوقية تطغى على العلاقة والصداقة ويصبح نجاح العمل يتوقف على رضا المدير أو سخطه، والمنافسة تقضي على الصداقة أيضا وأستثني من هذا كله رفقاء السلاح في ميادين القتال والدفاع عن الوطن، فهذه الصحبة تتجاوز كل العلاقات، فالجندي وأعني بالجندي كل من يرتدي البدلة العسكرية تضحية بالنفس دون وطنه وأمنه وقيادته ودون زميله أو مجموعته أو وحدته، وصحبتهم ممتدة دون انقطاع بزمن معين، فحراس الوطن لا يفترقون ولا تنام عيونهم، فهم في رباط في سبيل الله وهم الأكثر قربا الى الله، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في رواية سهل بن سعد الساعدي في صحيح البخاري: ( رباط في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها …)، ومن يرابط على حدود الوطن فهو رباط في سبيل الله.
وكما قال الشاعر مسلم بن الوليد:
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها ,, والجود بالنفس أقصى غاية الجود
أصدقاء (القروب) يجمعهم الهروب من الوحدة ومحاربة الفراغ ومتنفس للمهمومين والمكلومين في حياتهم الأسرية والمجتمعية والبحث عن أصدقاء تعوض عن صداقة العمل تبث لهم الشجون والمشاعر، لكنها لا ترقى الى مستوى الصداقة التي تحقق لك كل الطموح , وكما قال أحد الشعراء القدامى:
لما رأيت بني الزمان ومابهم خل وفيّ للشدائد اصطفي .. أيقنت أن المستحيل ثـلاثـة الغول والعنقاء والخل الوفي
أصدقاء السفر، السفر كما قال الإمام الشافعي :
سافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرّج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
والسفر مختبر للرجل هل يصلح أن يكون صديقا مخلصا مستقيما خلقا وسلوكا لا يفرط في صلاته، ولا يتجاوز حدودا الأدب والحوار بنسب مختلفة، وبالتالي يمكنك اختياره كصديق، وهذه صداقه أكثر وفاءا ونجاحا،ولكن كما قال الشاعر:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه .. كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وفي الختام إياك أن تخسر صديقا، وعليك أن تتحمّل هفواته وسقطاته، وتتغافل كأنك لم تسمع ولم ترَ واحذر من هؤلاء الأربعة:
الكريم إذا أهنته، واللئيم إذا أكرمته، والعاقل إذا أحرجته، والفاجر إذا عاشرته.
التعليقات