طرق الفساد عديدة لعل أبرزها الفساد المالي والإداري والذي تكشف عنه الهيئة العامة لمكافحة الفساد بين الفينة والأخرى في مشهد يندى له الجبين. لم يعد موضوع الوازع الديني من حيث القوة والضعف مؤشراً على انتشار الفساد من عدمه، فالدول المتقدمة الأقل فساداً لا تنظر للوازع الديني كقيمة يمكن الاتكاء عليها في الحد من الفساد الذي استشرى في عالمنا العربي والاسلامي انتشار النار في الهشيم رغم وجود الموروث الإسلامي الذي يميزنا عن العالم الآخر.
يمكن للفساد أن يتكرر في كل مكان وزمان إذا لم نحسن اختيار الأكفاء في العمل المناط بهم، ما يجعلنا في حالة من الاستنفار الدائم الذي يكلفنا الوقت والجهد دون طائل، وهذا يستوجب إعادة النظر في الاختيار عندما نستهدف المجالات التي لها علاقة بالموارد الإدارية والمالية.
التطوع نقيض الفساد فحيث كانت السرقة والرشوة وتبذير الموارد المالية للدولة كان الفساد المالي، ناهيك عن الفساد الإداري الذي يبدو خفياً في معظم الحالات سوى بعض ما يطفو على السطح أحياناً والذي من صوره تعطيل مصالح الناس، والغش في المناقصات، والشفاعة لغير المستحق، والاستفادة من المنصب للحصول على مكاسب شخصية وغيرها.
وفي الجانب الآخر فحيثما كان التطوع كان الخير، والذي من صوره التضحية بالوقت والجهد والمال لنفع الناس دون مكاسب شخصية، ولا منفعة آنية أو مستقبلية، فالمتطوع نقي السريرة، صافي الطبع، سليم القلب، يعمل لآخرته، وأما دنياه فقد تركها خلف ظهره.
خلاصة القول إنَّ سن المزيد من الأنظمة والقوانين التي تحمي المال العام وتكشف الفاسدين لوحدها لا تكفي، مالم يتم اختيار الكوادر البشرية التي تقوم على مصالح الناس بعناية تامة، وأقترح أن تكون ساعات التطوع في الأعمال التطوعية التي لها علاقة بخدمة المجتمع إحدى المقاييس التي يمكن الاعتماد عليها لاختيار الكوادر البشرية العاملة في الإدارة وحفظ المال؛ فالمقدرة على العمل، والنزاهة في التعامل هو ما ينبغي أن نحرص عليه في الوقت الحاضر، وليكن دليلنا قول الله تعالى “إنَّ خير من استأجرت القوي الأمين” صدق الله العظيم.
التعليقات