الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

 لعنة الشهادات المزورة تنعكس على مشاريع التنمية – بقلم الكاتب أ. صالح الشهري

 لعنة الشهادات المزورة تنعكس على مشاريع التنمية – بقلم الكاتب أ. صالح الشهري

 

التزوير في الفقه هو وسيلة يستعملها شخص ما لكي يغش بها آخر، أما التزوير في الفقه الجنائي فهو تغيير الحقيقة بقصد الغش في سند أو وثيقة أو أي محرر بإحدى الطرق المادية أو المعنوية التي يبينها القانون حيث يحدث تغييرات من شأنها إحداث ضرر بالمصلحة العامة أو مصلحة شخص من الأشخاص.

التزوير ممقوت ملعون يضر بالفرد والجماعة ويسقط القيم والفضيلة والأخلاق والأمانة، والتزوير ترفضه كل الجماعات والمجتمعات على اختلاف مذاهبهم بكل أطيافهم، ومن أهم وأخطر التزوير تزوير الشهادات للوصول الى مناصب أعلى وعلى حساب الكفاءات الوطنية والمشاريع التنموية والتطويرية والابتكار وجودة الإنتاج، ومع الأسف أن أحد المسؤولين لوزارة التعليم العالي سابقا قال أن التزوير حتى الآن يعتبر خطيئة وليس جريمة يحاسب عليها القانون وقد ذكر ذلك الدكتور عبد الله الطاير للقناة العربية مع المذيع المعروف خالد المدخلي.

وقد تحدث الدكتور عبد الرحمن الربيعة حديثا في القناة الاخبارية عن خطورة الشهادات المزورة على مشاريع التنمية؛ لأن أصحاب هذه الشهادات فقدوا معنى الأمانة والمصداقية وروح الانتماء وكفاءة الأداء وقبل ذلك ضعف الوازع الديني وما عداها لن يكون له مكانا في العطاء والإنتاج. عندما يتسلم أي من هؤلاء مناصب وظيفية كل في مجاله المهندس الطبيب والعلوم الخ.. وهو فاقد لكل مقومات هذه الوظيفة فإنه سوف ينتكس بعمله الى الأسوأ، وكما يقال فاقد الشيء لا يعطيه، ثم ماذا تنتظر من الذي زوَّر شهادته رجل أو امرأة؟  أيملك الأمانة والمصداقية والكفاءة لإنجاز مهامه ومسؤولياته كما هو مخطط لها؟؟!!

إنه هو أو هي سوف يحمّلون ميزانية الدولة عشرات المليارات من الريالات التي لا تحقق ما خطط لها، والأمثلة كثيرة منها ليس على الحصر: في إحدى مناطق المملكة نفذت العديد من الكباري في تلك المنطقة إلا إن إحدى الجامعات قامت بدراسة علمية لأغلب هذه الكباري فوجدت أنها معرضة للسقوط لسوء التصميم وفشل التنفيذ ولضعف الرقابة الفنية الغير كفؤة، وعلى ضوء ذلك أعيد تشييد هذه الكباري، ولن أتحدث عن التكاليف!! وكان الله في عون الميزانية، والحريق الذي أصاب إحدى محطات القطار في الوطن كان للفشل الهندسي وضعف الرقابة الفنية الدور الأكبر في هذا الحريق وما تبعه من تكاليف لإعادة البناء والتأهيل. في إحدى المناطق أنشئت مقبرة لأحد الأطباء لفشل العمليات التي كان يجريها داخل المستشفى لأنه لم يكن مؤهل للقيام بهذه العمليات الجراحية والله المستعان.

إن تزوير الشهادات العليا والشهادات الفنية أصبحت مهنة من لا مهنة له لسهولتها ولثمنها الغالي، وقد ذكرت بعض المصادر الإعلامية  أنه ضبط في منطقة من المناطق جهة تعنى بطباعة الشهادات العليا ( الدكتوراة والماجستير ) تجاوز عدد إصداراتها (16) الف شهادة عليا إضافة الى الشهادات المزورة من خارج الوطن، وكم هو محزن ومؤلم أن تمرر هذه الشهادات دون التأكد من جهة المصدر ومدى مصداقيتها لكي تتمكن الجهات المعنية بالتعيين والتوظيف وفق المعايير والأنظمة والتعامل مع هذه الشهادات بأمانه ومسؤولية، وأن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب لإدارة عملية التنمية بكفاءة عالية وتجنب الازدواجية والشخصنة والمحسوبية؛ لأن تمرير هذا التزوير بكل أشكاله وأنواعه يعد خيانة للوطن ويحمل ميزانية الدولة تبعات هذا الغش الوظيفي لأنه بالقطع  لا يضع الرجل المناسب في المكان  المناسب وكما ورد في الحديث الشريف:( إذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة )، وهذا يؤكد ضرر هذا التزوير على الوطن والأمة. 

لو تأملنا حامل الشهادة المزورة وهو في منصب رفيع فإنه بالقطع سوف يمارس دوره كما هو الحال مع شهادته المزورة، ولن يصحو ضميره وحرف الدال في مقدمة اسمه وعلى طاولة مكتبه، والله المستعان.  وإنني لأرجو من الله ثم من الجهات المعنية إصدار نظام يجرم هذا التزوير لحاملي الشهادات العليا المزورة لكي توكل الأمور لأهلها وتدار عمليات التنمية بأيد كفؤة وقادرة على تحمل مسؤوليتها وتحقيق طموح القيادة وطموح الوطن والله ولي التوفيق.

 


 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *