الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

الغلاء “لغة وشرعاً” – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

الغلاء “لغة وشرعاً” – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

 

الغلاء ارتفاع سعر الشيء، وغلاء المعيشة ارتفاع تكاليفها، ومنها الغلوّ ويعني المبالغة والتشدد والافراط ومجاوزة الحد، ومنه الغليان وهو ارتفاع درجة حرارة الماء لدرجة الغليان، كل هذه المعاني توضح معنى الغلاء لدرجة الغليان في النفوس والجيوب.

إن ارتفاع أسعار السلع الغذائية أمر يجتاح العالم وليس هناك دولة بمنأى عن غلاء تكاليف المعيشة، وهو ظاهرة عالمية مع تطور (كيوفيد 19)، ولكن إذا كانت المنتجات محلية فمن البديهي أن تراعى ظروف البسطاء والطيبين وأحوالهم وخصوصا احتياجات الأطفال والمرضى وأصحاب الدخول المتواضعة.

إن شركات صناعة الألبان والمواد الغذائية المرتبطة بصحة المواطن، وأبعد من ذلك صحة الطفل الذي يعتمد في غذائه على الألبان ومنتجاتها لاتراعي هذه الشرائح من المجتمع.. إن شركات الألبان ترفع سقف الأسعار لدرجة يتعذر على أصحاب الدخول المتدنية الاستفادة من منتجات الألبان.

 والمغالاة في أسعار الأضحية واستغلال حاجة المواطن في هذا الوقت المحدد زمانا بعيد الأضحى المبارك واتباع لسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام واقتداء بسيدنا إبراهيم أبو الأنبياء عليه الصلاة والسلام يتنافى مع التعاليم الإسلامية، والرحمة والروح الإيمانية، والمحبة في الله والتعاون على أداء هذه الشعيرة الايمانية، وهذا الغلاء يعد تحد لطموحات الدولة التي تسعى لتوفير حياة كريمة ورفاهة وانسجاما مع استراتيجية التحول المباركة ( 2030 ) التي من أولوياتها رفاهة المواطن ورغد عيشه، وتوفير حياة كريمة آمنة ومستقرة، لكن هناك ظروف زمانية لا يمكن تجاوزها أو إيجاد البديل كما هو الحال في عيد الأضحى المبارك، واستغلال حاجة المسلم لإقامة هذه الشعيرة الإيمانية يتنافى مع التكافل والرحمة في الدين الإسلامي الحنيف.

وهناك مقولة تقول: (عندما يرتفع سعر السلعة فدعها وابحث عن البدائل) والوطن ولله الحمد خيراته كثيرة وأبوابه مشرعة لإيجاد البدائل بما يتوافق مع إمكانات الناس ومداخيلهم، وهذا بالتأكيد يضعف القوة الشرائية في السوق ولكن كما يقال: المضطر يركب الصعب، ومن المعيب على شركات أو مؤسسات وطنية تسعى للإضرار بصحة المواطن وإلحاق الأذى بأمنه الغذائي.

 نعلم أنها شركات ربحية ولكن يمكنها الحصول على  هامش ربحي بحيث تحافظ على العلاقة الطيبة مع المستهلك ومراعاة أصحاب الدخول المتواضعة، وتحقيق روح الانتماء وحقوق المواطن والمواطنة بحيث لا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة وهناك مقولة ( الغلاء غول يفترس أحلام البسطاء )، ويتولد غلاء الأسعار من الاحتكار، وسعي شركة بعينها أو مجموعة شركات ومؤسسات الهيمنة على السوق والتحكم بالأسعار وذلك من خلال ممارسات مانعة للمنافسة، وهذا محرم في الإسلام وفي كل الأديان والأعراف لما فيه من ضرر يلحق بالفرد والمجتمع، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :  (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله..)..

ولهذا نهيب بكل الشركات والمؤسسات الوطنية سواء المعنية بصناعة الألبان أو المعنية بتوفير المواد الغذائية المصنعة محليا أو المستوردة أن تضع نصب عينيها مخافة الله لأن من شق على مسلم شق الله عليه، وكل عام ووطننا وقيادتنا بألف خير.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *