الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

عذرا يا قريتي – بقلم الكاتبة أ. قُبلة العمّري

عذرا يا قريتي – بقلم الكاتبة أ. قُبلة العمّري

صدريد مثال للقرى الجنوبية
الله الله.. كيف تغير ( صدريد )

أصبح  كله بيوت ( عمائر) تُبنى ثم تُهجر، لم تُسكن ولم تُؤجر،، فقط لأجل يقال فلان بنى عمارة خمسة أدوار!!                             

لا نتهكم ولا نسخر من التطور والتقدم ولكن الموازنة مطلوبة عمائر يسكنها الجان والصرصار والفأر
تسابقُ عجيب في الإعمار و لم يُراعي الباني الزراعة والرعي والماشية خاصة الاغنام والأبقار.. وكم اتمنى أن يكون لوزارة الإسكان  ووزارة المياه والزراعة تنسيق ذو رؤية مستقبلية ثاقبة لوضع البناء في هذه الغابات الجميله بناء محدود..

إن استمر الحال .. فستنعدم الثروة الحيوانية وتنقلب الحياة الريفية الى مدنية لا تحمل هم الحفاظ على البيئة، وستندثر مع المدنية ما يُعرف بشِرب الأبار، وحقوق السير في البلاد والجوار، وستندثر المحميات الخاصة والعامة، فما كان بالأمس حق خاص سيصبح حق مشاع إلا لمن أثبت ملكية أرضه وجبله وشطه..

فإلى أين تتجهين يا قريتي .. إلى اسنان الشيول والحفارات أم إلى  أصحاب التجارة والعقارات، أم إلى هيئة السياحة والأثار،، هل سيبقى بيت جدي في حمى أبي واخوتي،، أم سيكون ضمن ممتلكات هيئة السياحة،، وهل سيبقى الجبل الذي حماه جدي من غنمي رغما عني  هل سيبقى أم سيكون حقا ملكا من ممتلكات هيئة السياحه أيضا، …

لسنا ضد الانظمه ولكن نريد أن تكون قريتنا اصيلة الطابع سباقة في التطور بما لا يضر بالبيعة وبسكانها الأصليين….

إلى أين تتجهين يا قريتي وأنتي اليوم عروس للمصطافين
تلمعك الفلاشات اليوم
وقد تقتلك غدا،

إن أغلب من يصورك اليوم ويقدح بالفلاش وجهك الجميل
كان قبل عامين في تركيا وفي جورجيا وفي سويسرا وفي لندن وفي باريس

هناك وجدوا جمالاً ووجدوا إعمارا ولم يجدوا أنتهاكا للطبيعة ولا تهتكا للأرياف
وجدوا الريف أجمل مافي تلك البلاد وجدوا الحِراثة والزراعة وجني الثمار أجمل ما يتمتع به المصطاف،،

اما قريتي فهي منظر بلا أصحاب
فلا فلّاح
ولا بناي
ولا سقاي
ولا من يجني الثمر إلا النزر اليسير

عذرا قريتي
لم يُقّدرك أهلك حق قدرك
تركوا البلاد بلا حراثة ولا زراعه فما عُدتي تلك الخضراء البهية
وتركوا جبالك بلا إحتطاب فما أكثر اشجارك الميتة الواقفه اليابسه الاحتطاب الصحيح وليس الجائر
وتركوا سُكناك فما ياتونك إلا مصيفين يبحثون عن نسائم هواك العذب…
لم يتفقدّوا آباراً جفت
ولا طرقاً تهالكت بعد أن كانت سالكه ممهده
ولا كهولا في البيوت كَفت،،
كفت عن العمل الدؤوب في  إعمار الحقول و ترتيب الحياة الطبيعية
عبثا يد الأجنبي بمقدراتك
فلا يحسن الرعي
ولا يحسن الحرث
ولا يحسن البناء
ولا يحسن إلا الغش و تمضية الأيام ليقبض راتبه آخر الشهر لا تثريب عليه…
( فالمال السائب يعلم السرقة)
مع التقدير لكل يد عاملة  وروح معطاءة سواء اجنبية كانت أم وطنية، والأجنبي وصف وليس إساءة، ولكن اهل مكة أولى باعمارها.

عذرا قريتي
فلقد اكتفى أصحابك بالبقالة و ( بالسوبر ماركت)
وجدوا دقيقا جاهزاً
وخبزا طرّيا
وفاكهة منوعة
ولحوما مبسترة
وألبان مبسترة أيضا
ولم يعلم هولاء أن تلك المنتجات أتت من أرياف العالم الذين لايزالون يقدرون أراضيهم ومواشيهم
فكانوا هم اليد العليا
وكنا نحن اليد السفلى
اتسائل بأي حال سيعود المصطاف
الى دياره عندما يغادرك؟
سيقول كنت في صدريد قرية جميلة جدا وأهلها طيبون.
فقط…!!!!
لن يقول وجدت اختراعات
ولن يقول وجدت ريفا يعج بالحركة الدائبة
لن يقول وجدت زراعة ولا صناعة ومصانع انتاج عسل ولا محمية للبقوليات أو الورقيات أو الخضروات …
ولا ..ولا …ولا..

سيقول وجدت بقايا الأطمعة تبعث اسواء الروائح في المنتزهات
ووجدت بقايا ( الكشتات) من مخلفات تؤذي البيئه من البلاستيك وعلب العصائر و بقايا الاطعمه
سيقول وجدت قرودا تعج في المكان، لأنها استأمنت على نفسها فلم تعد تسمع ترانيم الراعي ولم تعد ترا فأس المحتطب ولم تعد تسمع بندقية الصياد ولم تعد تسمع محش السيدة التي تختلي الحشيش والخلا والعضيد،،

كلهم ذهبوا بدعوى المدنية
كلهم سقطوا في فخ الحضارة
تلك الحضارة التي ..
صنعت فجوة  بين الحاضر والماضي، فجوة وهوّة عظيمة الله اعلم كيف نسدها.

إن حفيد أبي
لا يعرف ماهو ( الشِرب )
ولا يعرف ماهي المقرنه
ولا يعرف ماهو الغرب
ولا يعرف ماهو الصِدر
ولا يعرف ماهي طريق العقبة
ولا يعرف منهم آل الدهيس
ولا يعرف منهم وادي الغيل
ولا يعرف ماهي القصاب
ولا ماذا يعني ( النقا )
ولا يعرف ماهو الصرام ولا الذراة ولا الميرا، ولا النوبه، ولا ولا …

أدركوا يا قبائل الجنوب تراثكم وأراضيكم
وبقية ابائكم واجدادكم اياكم والتخلي عنها، نحن لا نحارب الحضارة نريد جبالا تكتنف الثروة الحيوانية،، ومصانع لا تضر بالطبيعة، وافكارا كثيرة تحتاج إلى عين ورعاية المسؤل.

تحية خالصة لأولئك الشباب الذين ضحوا واخذوا على عاتقهم إعمار الأرض والبقاء فيها
فاشتغلوا بتربية الماشية
وزراعة الأرض وتربية النحل والاستثمار في منتجاتها

شكرا جزيلا ..
لكم ايها الأبطال ولمن يقف معكم من امهاتكم وزوجاتكم
شكرا لمن تلمس الحقيقة وكافح من أجلها
ولا عزاء للمتمشين المصيفين من أبناء قريتي الذين يكدسون طوابق العمائر ثم يتركونها للصرصار والفأر .

عذراً يا قريتي ..

لعلّ القادم أجمل، لا يزال في الجعبة الكثير


 

التعليقات

7 تعليقات على "عذرا يا قريتي – بقلم الكاتبة أ. قُبلة العمّري"

  1. مقال جميل

  2. لامستي شيء ارهق المجتمع … تحياتي لك

  3. ابدعتي يا استاذه قبله وخصوصا في المسميات التي كانت تتداول سابقا وفي سردها حسب اولوياتها وعزائي انا لازلنا من احرص القرى المحيطه محافظة على الزراعة وخصوصا البر
    لك مني وافر الشكر لتطرقك لهذا الموضوع الجدير بالبحث والاهتمام

  4. اختي الغاليه قبله
    يسعد صباحكم
    مقالك جميل ويحمل في طياته كثير من الذكريات والامال والمطالب وغيرها الا ان الناس كل في فلك يسبح وكل ميسر لماخلق له ويعمل في املاكه ومن الصعب منع احد من التصرف فيما يملك وسنة الحياه احد يولد واحد يموت وارض تزرع وارض تحصد وقد قيل من راقب الناس مات هما. دعي الاقدار لواليها. فهو مصرف الامور كيف يشاء فقد كانت امم وسادت ثم بادت ونحن على دربهم سائرون ولسنا افضل من خير البشر وصحابته. كل شي يتغير واهم شي بقاء العقيده وسلامتها من التحريف والتمثيل والتشبيه.
    وان يموت الانسان عليها
    احمد الله ان نقلنا مما كنا فيه الى مانحن فيه وأسال الله المزيد وان يحفظ علينا الامن والامان والطاعة والعبادة والقيادة
    ستجدين ردود كثيره متفاوته وقد تجدي بعضها يسلك مسلكا لا يرضيك فلاتبالي بذلك وكل إنا بمافيه ينضح
    فقط اقلك الى الامام. وفقك الله وحفظك. اخوك ومحبك / أبو عبدالكريم

  5. سلمت يداك اختي استاذه قبله كلام فالصميم وبأذن الله تنتعش قريتك الجميله وباقي القرى وتعود لسابق عصرها مع تطور في الزراعه والآلات الزراعيه وحبذا لو كان فيه رحله مدرسيه كل ترم لزيارت القرى والتعرف على كل ماكان فالماضي والالات الزراعه القديمه وجميع المصطلحات التي ذكرتي وشكراً .. مقال جميل جداً

  6. هكذا هم ابناء القرى الجنوبيه عندما يتحدثون يكون الوصف حقيقي من القلب للقلب كلمات لامست الارواح وحكت عبق الجمال ومسميات تكاد تندثر شكرا لك على كل هذا الجمال من قرى الجمال وعبق التاريخ

  7. لله درك أستاذتي
    أذكرتني مالست ناسيه
    ولرب ذكرى جددت ألما
    أغتالت المدينه القريه
    واغتلنا نحن كذلك المثل المصري
    لن أعيش في جلباب أبي
    فتقمصنا أدوارا ليست لنا
    غزتنا المدينة بمبانيها وبمواعيدها المسبقه
    لابد من تحديد موعد باتصال قبل الحضور
    كم وكم أفطر عندنا أناس دون موعد مسبق مع الوالد رحمه الله والجود من الموجود
    صارت مشاعرنا أكترونيه نضحك بفيس ونبكي بفيس ونعزي بدعاء محفوظ في المضله وقس عليها كل شي
    أصبحنا أشباح بدون أروح
    لالكلام يطول ويطول
    من الأعماق
    شكرا لك بحجم السماء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *