ذهبنا في رحلة عمل لأحد المصانع في دولة أوربية، وبعد الانتهاء مِن جولتنا في المصنع والاطلاع على تفاصيل المنتج الذي ذهبنا لأجله، اتجهنا للمقر الرئيسي للشركة، واثناء الطريق اتضح لنا طول المسافة وبُعد المقر عن المدينة، فسألناهم عن الموقع، فأخبرونا أنه في احدى القرى الريفية، مسقط رأس مالك الشركة، وعند وصولنا تفاجأنا بمبنى الشركة الكبير والجميل في هذه البلدة الصغيرة!..
انتهى الاجتماع وخرجنا مِن الشركة لفندق مجاور من فئة 5 نجوم اقل مايقال عنه “مذهل”، بجواره مطعم راقي ونادي صحي ومكتبة ذات اطلالة خلابة، تبّين لنا بأنها كلها لنفس مالك الشركة، جعل مقر الشركة والفندق وما جاوره هناك ولاءً لبلدته ودعماً لأهلها، واغلب الموظفين حتى المرشد السياحي المصاحب لنا متقاعد مِن ابناء هذه البلدة ومتعاقد معه الشركة!
وبطبيعة الحال تجد هذا النمط منتشر في كثير مِن الدول، وحتى في بلادنا الحبيبة حفظها الله، حينما تزور بعض المحافظات تجد كثيرمِن النشاطات التجارية تكون تابعة لكبار الشخصيات ورجال الاعمال مِن ابناء هذه المحافظات، بل تعدى ذلك حيث تجد بعضهم لديهم أعمال تطوعية منظّمة على شكل جمعيّات بإسم اسرهم وتكون امتداداً لهم ولأبنائهم مِن خلفهم، تقوم ببناء مدارس ومستشفيات ومجمعات تجارية تخدم المحافظة وأهلها، نالت على ثناء وتقدير ولاة الأمر حفظهم الله وأهالي وسكان المحافظات المنتمين لها والشواهد كثيرة.
اما عند سيرنا في ارجاء محافظتنا الغالية ( النماص ) ، لا تكاد ترى مشروع مميز حديث أو كبير، سواء فندق او مجمع تجاري او مبنى خدمي تبّناه أحد رجال الأعمال مِن ابناء المحافظة ومراكزها وقراها ! حينها يتبادر الى أذهاننا تساؤل كبير ! أين أبناء محافظتنا مِن رجال أعمال ورجال دولة وشخصيات بارزة في المجتمع ؟!
ألا تستحق محافظتنا منهم الولاء والوفاء والاستثمار فيها بمشاريع تعود على المحافظة وعليهم بالنفع ! حتى لا أكون مجحف مع كامل التقدير لهم، فقد يكون هناك اعمال لا اعرفها، باستثناء رجل الاعمال الشيخ علي بن سليمان، ابن تنومة البار كما يحب اهالي تنومة ان يسموه، هو الاسم الابرز الذي له مساهمات يشار لها بالبنان، وكذلك الشيخ محمد المقر صاحب قصر الحضارات التاريخي المميز على مستوى المملكة، بارك الله لهم،
لكن ايضاً يستمر التساؤل بصيغة اخرى: أين البقية ؟! اين مِن تزخر بهم مدن المملكة الكبرى ولديهم شركات ومشاريع مميزة ولا نجد لهم في النماص نصيب يذكر؟ نعلم انه يوجد هناك بلا شك معوقات، لكن مِن يريد ان يقدّم خدمة مجتمعية فالجميع سيساهم في تذليل كافة الصعوبات والعوائق. لذا فإننا ندعوا رجال الاعمال والدولة واصحاب المشاريع والمشاهير مِن ابناء المحافظة وما أكثرهم، بأن يعقدوا العزم والهمة ويضخوا بأموالهم في مشاريع تفيدهم وتفيد النماص وفاء وولاءً لها، تتويجاً لأعمالهم، وتخليداً لأسمائهم..
كما ندعو سعادة المحافظ والمشايخ لدعوتهم والإجتماع بهم وتسهيل مهمتهم لما فيه مصلحة الجميع، فوطننا يستحق منا بذل الغالي والنفيس لكل ما يساهم في تطوره وازدهاره، وكلنا ثقة في رغبتهم ومقدرتهم ونجاحهم ان شاء الله للمساهمة في عمل نقلة نوعية للنماص سياحياً وتجارياً، ومشاركة دولتنا حفظها الله في تحقيق اهداف الرؤية، ويطيب المقال بذكر ابيات مِن القصيدة الشهيرة في حب الوطن للأديب الكبير محمد صادق الرافعي :
ولا خير في مَن لا يحب بلاده .. ولا في حليف الحب ان لم يُتيــمِ
وما يرفع الأوطانَ إلا رجالها .. وهل يترقى الناسُ إلا بسلـــــــم
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ .. على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم
التعليقات