الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

سعادة اللواء عبدالعزيز آل مارد والعطاء الحاتمي (عدد 60) من الابل الوضح للشاعر الأسمري – بقلم الكاتب د. عبدالله بن سعيد الأسمري

سعادة اللواء عبدالعزيز آل مارد والعطاء الحاتمي (عدد 60) من الابل الوضح للشاعر الأسمري – بقلم الكاتب د.  عبدالله بن سعيد الأسمري

 

لقد كان الكرم عند العرب ولا يزال من أعظم صفات الرجال، والاقوام يتفاخرون به ويهتمون لاجله حتى كان صفة لعظماء القوم في كل قبيلة ولشدة ارتباطهم بهذا الخلق الكريم كان هناك اعلام لم يتجاهلهم التأريخ كرموز سطروا اروع الامثلة في الكرم والسخاء والجود ولهذا كان حاتم الطَّائي مِن أشهر مَن عُرِف عند العرب بالجُود والكَرَم حتى صار مضرب المثل في ذلك وفي ( المستجاد ص 111 مِن فعلات الأجواد للتنوخي ..

سأل رجل حاتمًا الطَّائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحدٌ في الكَرَم؟ قال: نعم، غلام يتيم مِن طيئ، نزلت بفنائه وكان له عشرة أرؤس مِن الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه. وأصلح مِن لحمه، وقدَّم إليَّ، وكان فيما قدَّم إليَّ الدِّماغ، فتناولت منه فاستطبته، فقلت: طيِّبٌ والله. فخرج مِن بين يدي، وجعل يذبح رأسًا رأسًا، ويقدِّم إليَّ الدِّماغ وأنا لا أعلم. فلمَّا خرجت لأرحل نظرت حول بيته دمًا عظيمًا، وإذا هو قد ذبح الغنم بأسره. فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: يا سبحان الله! تستطيب شيئًا أملكه فأبخل عليك به، إنَّ ذلك لسُبَّة على العرب قبيحة. قيل يا حاتم: فما الذي عوَّضته؟ قال: ثلاثمائة ناقة حمراء وخمسمائة رأس مِن الغنم، فقيل أنت إذًا أَكْرَم منه، فقال: بل هو أكرم، لأنَّه جاد بكلِّ ما يملكه، وإنَّما جُدت بقليل مِن كثير )

وفي قريش وهم سادة العرب مِن الكُرَماء المشهورين في العصر الجاهلي: عبد الله بن جُدْعَان، فقد اشتهر بكرمه وجوده، وسخائه وعطائه. و ( كان عبد الله بن جُدْعَانَ مِن مُطْعِمي قريش، كهاشم بن عبد مناف، وهو أوَّل مَن عمل الفالوذ للضَّيف، وقال فيه أميَّة بن أبي الصَّلت: له داع بمكَّة مُشْمَعِلٌّ .. وآخر فوق دارته ينادي

حتى ان ابن جدعان له قصة فيما توفق فيه من مال فكان يعمل كهيئة البوفيه المفتوح الان
وفي ( ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزَّمخشري (3/239 كانت لابن جدعان جِفَان يأكل منها القائم والرَّاكب ) وابن جُدْعَان هو القائل:

إنِّي وإن لم ينل مالي مدى خُلُقِي .. وهاب ما ملكت كفِّي مِن المال
لا أحبس المال إلَّا ريث أتلفــــــه .. ولا تغيِّرني حال عن الحــــــال

وسيد الاولين والاخرين في الكرم هو رسولنا صلى الله عليه وسلم عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه، قال: (( ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلَّا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة1034] رواه مسلم (2312).

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرُّني أن لا يمرَّ عليَّ ثلاثٌ، وعندي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أرصدُهُ لدينٍ 1035] رواه البخاري (2389). ( إنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، يقدِّم بهذا النَّموذج المثالي للقدوة الحسنة، لاسيَّما حينما نلاحظ أنَّه كان في عطاءاته الفعليَّة، مطـبِّــقًا لهذه الصُّورة القوليَّة التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرَّته عظيمتين حينما كان يبذل كلَّ ما عنده مِن مال. ثمَّ إنَّه يربِّي المسلمين بقوله وعمله على خُلُق حبِّ العطاء، إذ يريهم مِن نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها [1036] (( الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها )) لعبد الرَّحمن الميداني (2/378).

والكرماء والصالحين يتنافسون في العطاء الذي يرضي الله وفيه تفريج الكربات على المسلمين.. دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الصدقة يومًا فقال عمر رضي الله عنه: اليوم، أسبق أبا بكر الصديق، فجاء عمر بنصف ماله فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟».. قال عمر: مثله، فجاء أبو بكر بكل ماله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقال عمر رضي الله عنه: والله لا أسابقك إلى شيء أبدًا.

ومعن بن زائدة من الكرماء قيل عنه:
يقولون معنٌ لا زكاةَ لمالــــــــه .. وكيف يزكي المالَ من هو باذله
إذا حال حولٌ لم يكن في ديــاره .. من المال إلا ذكره وجمائلـــــــه
تراه – إذا ما جئته – متهــــــللاً .. كأنك تعطيه الذي أنت آملــــــــه
هو البحر من أي النواحي أتيته .. فلجته المعروف والبر ساحلـــه
تعوّد بسط الكف حتى لو انـــــه .. أراد انقباضاً لم تطعه أناملـــــه
فلو لم يكن في كفه غير نفســه .. لجاد بها فليتق الله سائلــــــــــه

والكرم والشعر يلتقيان ولا يفترقان وقد وقف الاعشى في الاعرب وانشد قصيدته التي مطلعها :

أرقتُ وما هذا السُّهادُ المُؤَرِّقُ * وما بِيَ مِنْ سقمٍ وما بيَ مَعْشَقُ
حتى قال:
لَعَمرِي لَقد لاحَتْ عُيُونٌ كَثيرَةٌ  .. إلى ضَوءِ نَارٍ في يَفَاعٍ تُحَرَّقُ
تُشَبُّ لمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهَا .. وَبَاتَ عَلى النَّارِ النَّدَى وَالمُحَلَّــقُ

فكانت من اعظم قصائدة كقيمة شعريه استحق الثناء عليها حتى يومنا هذا واستحقت هذا لانها قيلت فيمن هو لها أهل لكرمه وهو المحلق الكلابي. والشعر كما هو نصر للدين والوطن فهو وسيلة الشاعر يرتقي به ويحلق في كل المجالات فكما كان سبب للعطاء للنابغة وجرير والفرزدق فهو وسيلة يتقي ويتجاوز بها الشاعر المبدع العقبات وكعب بن زهير في قصيدته بين يدي رسول الهدى صلى الله عليه وسلم قيل عنها قصيدة بانت سعاد: القصيدة التي أنقذت رأس صاحبها ومع هذا اهداه الرسول صلى الله عليه وسلم بردته وهذا لم يحصل باي أحد غيره ولهذا نال بها من الرضى والشرف ما خلده التأريخ .

وفي مجتمعنا السعودي ولله الحمد يستمر الكرم كأحد اهم اخلاق الاصالة والعروبه في وطن الاسلام الخالد والعروبة الاصيلة وسعادة اللواء عبدالعزيز بن عوض الاسمري من مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله ومن بعده من الملوك من ابنائه فسعادة اللواء من رجال الملك الملك عبدالله رحمه الله ومن قيادات حرسنا الوطني الذي تقاعد منه الان في ظل حكومة مولاي خادم الحرمين وسمو ولي العهد الامين وولاة امرنا هم القدوة في العطاء والبذل والكرم والسخاء اذكر هنا قصة الملك عبدالعزيز  : كان – رحمه الله- ذات يوم يمتطي ناقة له مشهورة بقوتها وجمالها، فلما وصل إلى مكان خارج المدينة، أوقف ناقته، ودعا رفاقه إلى الاستراحة، وإذا برجل كان يستريح في ذلك المكان، فحيا الملك باحترام قائلاً: السلام عليكم يا عبدالعزيز.

فأجاب الملك: وعليكم السلام، من أنتم؟ فقال الرجل: إني قادم من المدينة.
قال الملك عبدالعزيز: وأين ناقتك؟ فقال الرجل: ماتت في الطريق، وليس عندي مال يكفي لشراء غيرها.
قال الملك عبدالعزيز: أنت عازم على العودة إلى المدينة؟ قال الرجل: بعد أيام، بإذن الله.
قال الملك: إذن خذ هذه الناقة؛ لأنه لا يسعك أن تعود على قدميك.
هذه شواهد تكشف بجلاء أن كرم الملك عبدالعزيز كان سجية عنده، مجسدًا لإنسانيته ومروءته، وحبه لمواطنيه.

سعادة اللواء عبدالعزيز من بيت الكرم الاسمري الذي عرفت به قبائل بللسمر بشكل عام حتى قيلت في كرمهم الامثال والقصائد والاشعار قال احدهم قبل عقود من الزمن ابيات شعر عرضه : العسل والسمن كنه من كظايم .. والذبايح كنها في يوم عيد

بيد ان اللواء في وقفته مع شاعر بللسمر الشاعر الكبير غرامه بن عبدالله الاسمري كان له اثر بالغ لان الشاعر غرامه الاسمري هو من بيوت الكرم والجود وعندما يعرض حاله على من تفاجأ بوضعه كان الموقف ساميا في العطاء فساق له ستين من الابل الوضح وفحلها مع وايت الماء والكرفان وكل ما تحتاجه الابل وبشكل هادىء يظهر في عدم التكلف بل كان مجرد مقطع فيديو مصور لم يتم الاعداد له ولم يخطر ببال اللواء او الشاعر انه سينتشر بهذا الشكل ويستحق ان ننصف اللواء بقول الشاعر:

حرٌّ إذا جئتَه يومًا لتسألَـــــه .. أعطاك ما ملكتْ كفَّاه واعتذرا
يُخفي صنائعَه واللهُ يظهرُها .. إنَّ الجميلَ إذا أخفيته ظهـــــرا

ما قام به سعادة اللواء متقاعد عبدالعزيز بن عوض ال مارد الاسمري من فعل حاتمي يطرب له كرماء الرجال في كل مكان من وطننا العربي السعودي وتفتخر به قبائل رجال الحجر وبللسمر بوجه خاص بل هذا انموذج مشرف لابناء منطقة عسير . اسأل الله ان يفرج عنه كربة من كرب يوم القيامة وان يتقبلها منه وان يبارك للشاعر الكبير غرامة الاسمري في العطأ وان يوفقنا وإياه وكل طيب للوفاء وحسن الثناء والله الموفق والهادي.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *