الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

اختلاف وجهات النظر صراع أبدى – بقلم الكتاب أ. صالح حمدان الشهري

اختلاف وجهات النظر صراع أبدى – بقلم الكتاب أ. صالح حمدان الشهري

 

اختلاف وجهات النظر صراع أبدي بين البشر، ولكن تقبل الرأي الآخر ووجهة النظر المختلفة والجلوس على طاولة الحوار يبين للآخر الجوانب الإيجابية لدى الآخرين للوصول الى حلول مشتركة لتجنب العداء أو الصراع سواء بين الأفراد أو المؤسسات أو الدول، ومما يرفع درجة الخلاف الى درجة العداء الاحتكام لوجهة نظر واحدة من طرف واحد، ويسقط وجهة النظر الأخرى دون أن يتبين له الجانب الإيجابي لدى هذا الطرف، ولو تتبعنا التاريخ وما حدث من صراعات وحروب واقتتال دامت لسنوات وسقطت فيها أرواح ودمرت مدن وسقطت دول لعدم وضوح وجهة نظر الطرف الآخر بروية وتبصر.

فتح مكة في التاريخ الإسلامي كان أعظم نصر للمسلمين لانطلاق الدعوة الى الله وانتشار الإسلام في الجزيرة العربية، جلوس وفد الرسول عليه الصلاة والسلام في مجلس حوار مع  المشركين وقد كانوا قبل ذلك يرفضون مجرد الحديث مع المسلمين لمجرد الحديث فقط  تكبر وتعال وعدم اعتراف بالطرف الآخر، وعندما جلسوا على طاولة الحوار واستمع كل طرف لوجهة النظر الأخرى وقبل الرسول عليه الصلاة والسلام لشروط مشركي قريش مع أنها كانت قاسية إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى أن في ذلك فتحا مبينا، فرجع الى المدينة المنورة  دون تشنج  أو تصلب في الرأي ليدخل مكة في العام القادم  وفي معيته عليه الصلاة والسلام  المهاجرين والأنصار، وكان المسلمون يرفضون ذلك باعتبارهم على الحق  وأنه تنازل عن حقهم في دخول مكة المكرمة، ويعد إهانة وهزيمة للمسلمين إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان أبعد نظرا وأكثر حكمة فكسر هذا الفكر  المتصلب المتجمد.

لقد كان مجرد جلوس المشركين للحوار مع المسلمين اعترافا بأن دولة الإسلام قادمة وهذا هو الفتح المبين، ولو جلس الحوثيون على طاولة حوار مع الحكومة الشرعية ودول التحالف واستمع كل طرف لوجهة الطرف الآخر وغلبوا مصلحة اليمن لانتهت الحرب، والتم الشمل وعادة الأمور الى وضعها الطبيعي وقطع الحبل السري الذي يربط الحوث بملالي إيران وطهران، وكما هو الحال الآن في اثيوبيا  ودولتي النيل مصر والسودان المتضررة من مشروع سد النهضة، وتشدد اثيوبيا في فرض رؤيتها للاستفادة من مياه هذا السد  في توليد الطاقة دون الجلوس على طاولة الحوار وتفهم وجهة نظر مصر والسودان وحجم الضرر الذي يلحق بالدولتين لكان أجدى وأنفع، لأن هذا التصلب في الرأي وعدم الاستماع لوجهة نضر دولتي المصب  سوف يؤدي الى حرب تجر اثيوبيا الى كارثة لأن الأضرار التي قد تلحق بدولتي المصب والتي تعتمد على مياه النيل من آلاف السنين نتيجة لحجز مياه النيل، وأيضا احتمال انهيار السد لأن الأرضية التي بني عليها ربما لا تحتمل السد لفترة طويله ولا يوجد ضمانات لحماية السد  من الانهيار، وسوف يترتب على ذلك ضررا كبيرا بالبلدين الشقيقين،  إنه بمثابة حياة أو موت وعلى اثيوبيا أن تدرك هذا قبل فوات الأوان.

وما يدور من حرب بارده بين إيران وأمريكا ودول اوروبا حول زيادة تخصيب اليورانيوم للوصول الى مرحلة صناعة القنبلة النووية، وحادث مفاعل نطنز النووي الإيراني ما هو الا لدفع ايران للجلوس على طاولة الحوار للعودة الى الاتفاق النووي السابق الذي وقعه اوباما  الرئيس الأمريكي السابق مع تعديل جوانب القصور في هذه الاتفاقية، ولو جلست إيران  على طاولة الحوار مع دول 5+1 للوصول الى حل يرضي إيران، لأن لها قدرة في إدارة الحوار مع هذه الأطراف بحرفية  لخبرتها الطويلة في هذا المسار وفي غيره، وأعتقد جازما أنها سوف تفرض رأيها على أمريكا، لأن المؤشرات تؤكد أن بايدن بدأ يترنح وأنه أقرب الى قبول ورقة إيران للمفاوضات ،وهذا أمر يدعو بعض دول المنطقة لامتلاك السلاح النووي، لأن الله سبحانه وتعالى قال : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة .. ) وأن الضعيف لا مكان له في هذا العالم وكما يقول المثل الصيني: (لن تدوسك الأقدام إلا إذا كنت منبطحا)، وللحديث بقية والله المستعان.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *