مع أحداث “بيروت” – الأخيرة – رجعت بي الذاكرة إلى قصة تذكرتها وحرصت على سردها لما حملته من آمال وآلام – التي قد يمر بها أي شخص في حياته – . عندما كنت أعمل في المدارس النموذجية بأبها – فترة التطبيق الجامعي -، اتصل بي وكيل المرحلــــــــة الثانوية – آنذاك – الأستاذ : أحمد النعمي، وطلب مني سرعة الحضور إليه في الدور الثالث؛ فتركت ما بيدي وانطلقت مسرعاً ظناً منّي أنّ ما لديـه له علاقة بالعمل ..
إلا أنني عندما وصلت إليه وجدت الوضع مختلفا تماما، وإذ به يُعرفني على شخص لا أعرفه من قبل، رجل طويـــل القامـــــــــة ذو سمت وإطلالة بهيّة ذو شعر مكتض بالشيب، فسلّمت عليه وجلسنا وتوقعته أحد المسؤولين الكبار، لما يتسم به من ” شخصية ” لبقة ومنطــق فصيح، ثم قام هذا الرجل الغريب بسرد قصة حدثت له عندما طلب منه الاستاذ “النعمي” سردها، الذي كان يــــــــرغب أن أسمعها منــــه شخصياً، ففتحت عيني وأذاني لتلك ” القصة ” حتى أستوعبها جيداً …
يقول الراوي – والعهدة عليه – : في يوم من الأيام حجزت إلى مدينة الرياض لرغبة مني أن أغيّر “جو الجنوب” وأبحث عن الترويــــــح والسعادة التي كنت أنشدها – وكان الرجل يعاني من اعتلال نفسي – كما ذكر لنا لاحقاً – وعندما هبطت الطائرة في “مطار الريــــــــاض”- وذلك قبل أن ينشأ “مطار الملك خالد الدولي” – قال فنزلنا من الطائرة إلى ساحة المطار ولم يكن يوجد باصات لنقل الركاب إلى صالـــــــة المطار.. وفجاة وإذا بصوت ينادي – “بيروت ، بيروت ، بيروت” –
وبذلك شكت إدارة الفندق في الضيف السعودي المقيم في الفندق مما دعاهم إلى التواصل مع الجهات الرسمية هناك، ومن ثم قـــامت تلك الجهات بالتواصل مع “السفارة السعودية” في “بيروت” التي بدورها تواصلت مع الرجل وأرسلت له سيارة خاصة وأخذته إلى السفيــر، والذي توجه بسؤاله عن سبب مجيئه ومعلوماته الخاصة فاتضح له أنه يعاني من اعتلال نفسي، فقام بإبلاغـــه بأنّ السفارة السعوديــــــة سوف تدفع أجرة الفندق المدة كاملة وتؤمن له تذكرة العودة إلى السعودية “الرياض”، ومن “الرياض الى “أبها”.
قال: وبعد أن وافقت على ماطرحه “السفير” قمت بتوديعه ومن ثم قمت بأخذ بعض الأشياء من على مكتبه، يقول الرجــــل: حينها عرف السفير أنني لست طبيعياً – وضحك من هذا التصرف – وفي اليوم التالي قامت السفارة بإركابي من “مطار بيـروت” إلى “مطار الرياض” ومنه لـ “مطار أبها”.
هكذا كانت الرحلة من “أبها” إلى “بيروت” مليئة بالتجديد وروح الأمل التي جعلت من هذه القصة عالقة في الذاكرة؛ أرويها لكم عنـــدما بدأ اسم “بيروت” يتردد على مسامعنا كثيراً – في ظل ما تعيشه هذه الأيام تحت وطأة – حزب الشيطان – .
التعليقات