صحيفة النماص اليوم :
انتقد مختصون في الفلكلور ما اعتبروه تغيرات طرأت على العرضة الجنوبية، ما أفقدها رونقها وميزتها، التي حددوها في 5 ملامح (التنظيم والروح والحماس والإبداع في الإيقاعات والزي) وسط مطالبات بعودة هذا اللون إلى توهجه والابتعاد عن الابتذال، متهمين دخلاء، حسب تعبيرهم في إحداث التغيير.
لا روح ولا حماس..
يقول ياسر الأحمري، في الماضي كان الرجال الذين يؤدون العرضة يتزينون بالسلاح واللباس الأشبه بزي الحرب، تعبيراً عن الرجولة والشجاعة والنخوة، دون طيش أو تهور في استخدام أسلحتهم. فيما يرى محمد الشمراني أن العرضة الجنوبية حالياً تغير وضعها، ومن واقع المخالطة والحضور في عدد كبير من المحافل ألاحظ هذا التغير. ففي الماضي كنت أراني محاطا بعساكر حرب وطوابير قتال، وأزعم أنهم كانوا يتخيلون أنفسهم يستعدون للحرب والمجابهة، واليوم أراهم يأتون لتلتقط كاميرات التصوير صورا تذكارية لهم، لاروح ولاحماس ولا اهتمام إلا ماندر. ولا تختلف نورة الشهري في رأيها عن الشمراني، إذ تقول، لعب العرضة الجنوبية الأصيل في الماضي لايؤديه إلا نخبة بروح وحماس واهتمام، أما الآن فللأسف طوابير للتصوير والاهتزاز والحركات الممجوجة (إلا من رحم ربك) وختمت بقولها إنهم بهذه الحركات يفقدون الموروث جماله وانسجامه وأصالته.
الزرفة بصوت عال..
يقول حسن العمري، ما زال الأخيار من أبناء المنطقة يتوارثون هذا الموروث الأصيل والفن الراقي بكل اقتدار، فعندما كان الآباء والأجداد (رحمهم الله) يزرعون ويقلعون ويمارسون طقوس حياتهم القروية، كنا نرى القوة والحماس والانضباط، وكانت العرضة لهم بمثابة المتنفس الوحيد، وعندما رحلوا ظهر جيل جديد بتقنيات جديدة والناس أبناء زمانهم. ويذهب سالم القرني إلى أنه في الماضي كان هناك رجال يهمهم نجاح الحفل (لرفيقهم) وكانوا يدخلون العرضة بلبس كامل ومميز، وكانوا يعرضون من قلب وبروح عظيمة، يهزون الأرض هزا ويشيلون (يرددون ) (القصيدة ) أو ما يسمى (بالرزفة) بصوت عال، وتسمع صوت القصيدة حماسيا (والمزلف) وهو من يضرب الطبل أو ما يسمى (الزلفة) شخص واحد فقط، وكذلك (الزير ) يضربه شخص واحد فقط بروح عالية. أما الآن فالوضع تغير للأسوأ.
صف أول ..
يتأسف خالد الزيداني على ما يقول إنه دخول شيلات تافهة في (بعض) مناسبات العرضة، ويتابع، حولت الناس إلى همج، وألغت التنظيم والانضباط الذي كانت تتميز فيه عرضتنا. وختم بقوله، العرضة موروث شعبي كان له هيبة وجمال ولايزال لمن يحافظون عليه. أما محمد علي، فيذهب إلى أن الوضع تغير عن السابق بشكل كبير، فاليوم أصبح صغير السن يتقدم على كبار السن في صف العرضة، سواء كان مدقال أو عرضة. وبالتالي انعدم الاحترام والتقدير. ويقول ماجد العمري، اليوم كل شخص يريد الصف الأول في مقدمة العرضة ولازم (بالبشت) يعني ثلثين «العرّاضة» صف أول. والأمر الآخر أن العرضة اليوم من أجل التصوير.
متغيرات طبيعية ..
لتبرير هذه المتغيرات، ومن وجهة نظر مغايرة قال أحمد الرباعي، من الطبيعي أن يطرأ الفتور في الحماس أثناء تأدية الشباب للعرضة الجنوبية بشكل عام مع تعدد قنوات ووسائط التواصل الاجتماعي في وقتنا الحاضر. في حين كانت العرضة في الماضي المتنفس الوحيد للقاء أفراد القبيلة، سواء في حفلات الزفاف أو الأعياد. هذا علاوةً على عدم إتقان معظم الشباب لفنونها. وهو ما يدفع يزن الشهري للقول بأن وضع العرضة الجنوبية في كل مكان في السنوات الأخيرة لا يسر محبي هذا الموروث الجميل والعري..
وقال إنه وبحكم متابعته لها في مختلف المناطق من النماص إلى أبها وبيشة وتهامة والعلايا والباحة، فقد أصبحت في وضع مأساوي ومخجل في بعض الأوقات. فضلاً عن أنها أصبحت شبه منسية عند بعض القبائل. ويوضح عبدالله الأسمري أن السبب في ذلك هو الفرق الشعبية والقنوات الشعبية، هناك مبالغة في توحيد اللبس والاعتناء بالمظهر على حساب الأداء لأن كل واحد يقول للشاشة (أنا أنا) وفي الحفلات ينطلق 20 رجال (يحمّلون ويزيفون) وهذا أيضاً خطأ، كذلك الصوت ضعيف، ليس مثل الأولين بصوت واحد يزلزل الجبال.
التعليقات