عندما تفاجأت بالحادث الأليم للفتاة “سندس” بنت سعيد العمري، الذي أدى إلى وفاتها – رحمها الله – بسلاح ناري عن طريق الخطأ من أحد أخوتها الصغار.. أحببت الحديث عن هذا الاسم الجميل الذي ارتبط معي بهذا الحادث الأليم .. فالسندس ورد ذكره في القرآن الكريم ومعه كلمة الإستبرق في قوله تعالى ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ . سورة الكهف آيه (31)
والسندس والاستبرق .. كلاهما من الحرير فالسندس هو ( الحرير الرقيق ) وأما الاستبرق فهو ( الحرير الثخين ) وهي ثياب في الجنة حريرية خضراء مزينة بأنواع الزينة، ويكون لونهما ( السندس والاستبرق ) هو اللون الأخضر لانه يجلب السعادة والسرور، وكذلك الانتعاش الفكري. ويقال بانه ( اللون الأخضر ) هو اللون الوحيد التي يتصف بهذه الخاصية والميزة التي جعلها الله له دون غيره من الالوان. وهذه دليل على حكمته عز وجل بخلق الأشجار والنباتات بلونها الاخضر ليكون متوافق مع ما في الجنة من خضرة وجمال. وللمؤمنين في الجنة انواع لاتعد ولا تحصى من اللباس ولكن افضلها واجملها واعلاها هو لباس ( السندس والاستبرق )، وهذه الثياب في الجنة لا تنسج ولا تفصل على البدن بل يأخذها المؤمنين من أشجار لتكون ثياب لهم على مقاسهم ولها لمعان وبريق.
ونعرج على مصطلح ( سندس واستبرق ) واصلهما في اللغة: فاما ( سُنْدُس ) فهو اسم علم مؤنث فارسي وله انتشار واسع واستعمال كثير في العالم العربي. و( استبرق ) مصطلح ورد ذكره في القرآن الكريم أربع مرات في أربع سور، وقال بعض العلماء: الكلمة فارسية مُعرّبه وينطق «ستبرك» بمعنى: ثخين. وعرَّبت العرب قديما بعض الكلمات الأعجمية وتحدثت بها واستعملتها فاصبحت عربية بالاستعمال فنزل بها القران الكريم.
واختلف أهل اللغة في أصل الكلمة فقال الحلبي: ( اسْتَبْرق عربيُّ الأصلِ مشتق من البريق، أو معرِّبٌ أصلُه استبره ) وجزم ابن حيان بأنه فارسي مُعرب فقال: ( ديباج ثخين، والديباج الحرير المنقوش، وهو فارسيٌّ مُعَرّب ) والاستبرق هو: بطائن الفرش التي يتكيء عليها أهل الجنة قال تعالى: ﴿ على فرش بطائنها من إستبرق ﴾ سورة الرحمن آية (54)، وهو: ما غلظ من الديباج. قال به قتاده والضحاك وعكرمة، وقال أبو عمران الجوني: هو الديباج المغري بالذهب. فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة. وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى. فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها، اكتفاء بما مدح به البطائن بطريق الأولى والأحرى.
وأما عن حكم لبس للحرير ( السندس والاستبرق ) للرجال : فجاء فيه النهي في الحديث النبوي الشريف الذي رواه عمر عن الشيخين أن النبي قال ( لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» وذكر البراء بن عازب أن النبي أمرنا بسبع ونهانا عن سبع: وذكر من السبع التي نهانا عنها نبينا الكريم ( لبس الحرير والإستبرق والديباج ) وذكر الامام النووي – رحمه الله – بان لبس الحرير والإستبرق والديباج كله حرام على الرجال . ويجوز للنساء لبسه بجميع انواعه.
وبختام هذه الخاطرة .. نسال الله العلي القدير الرحمة لإبنتنا “سندس” العمري، وأن يسكنها الفردوس الأعلى من الجنة وأن يعلي منزلتها وأن يجعلها ممن قال فيهم الحق سبحانه وتعالى ( ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) سورة ق آية (35) .. وأسال الله العلي القدير بان يجعلني واياكم من أهل الجنة ومن يرفل في نعيمها، وياكل من ثمارها، ويتكئ على أرائكها بجوار المصطفى الكريم سيد الانام نبينا الصادق الأمين محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة واتم التسليم … اللهم أمين .
التعليقات
تعليق واحد على "سندس واستبرق – بقلم الكاتب أ. محمد غرمان العمري"
ومن فضل الله كان اللون الأخضر هو لو علم المملكة العربية السعودية ويتوسطه كلمة التوحيد “لا إله إلا الله محمد رسول الله”